وَلَا قِيمَةَ لِهَذَا يَوْمَ الْإِصْدَاقِ وَالْقَبْضِ. وَلَوْ أَصْدَقَهَا جِلْدَ مَيْتَةٍ، فَقَبَضَتْهُ وَدَبَغَتْهُ، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَفِي رُجُوعِهِ فِي نِصْفِهِ وَجْهَانِ مُرَتَّبَانِ عَلَى تَخَلُّلِ الْخَمْرِ، وَأَوْلَى بِعَدَمِ الرُّجُوعِ ; لِأَنَّ مَالِيَّتَهُ حَدَثَتْ بِفِعْلِهَا وَمَعَ التَّرْتِيبِ، فَالْأَصَحُّ الرُّجُوعُ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ. فَعَلَى هَذَا: إِنْ هَلَكَ الْجِلْدُ عِنْدَهَا بَعْدَ الدِّبَاغِ، قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: لَا يَرْجِعُ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْجِعَ هُنَا بِلَا خِلَافٍ، بِخِلَافِ الْخَلِّ ; لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ وَالْجِلْدُ مُتَقَوَّمٌ، وَالنَّظَرُ فِي الْمُتَقَوَّمِ إِلَى وَقْتِ الْإِصْدَاقِ وَالْإِقْبَاضِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ حِينَئِذٍ. وَلَوِ ارْتَدَّتْ وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَالْقَوْلُ فِي كُلِّ الْخَلِّ وَكُلِّ الْجِلْدِ، كَالْقَوْلِ فِي النِّصْفِ عِنْدِ الطَّلَاقِ.
فَصْلٌ
كُلُّ عَمَلٍ جَازَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ، جَازَ جَعْلُهُ صَدَاقًا، وَذَلِكَ كَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالصَّنَائِعِ، وَكَالْخِيَاطَةِ وَالْخِدْمَةِ وَالْبِنَاءِ وَغَيْرِهَا، وَفِيهِ مَسَائِلُ.
إِحْدَاهَا: يُشْتَرَطُ فِي تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ لِيَصِحَّ صَدَاقًا شَرْطَانِ.
أَحَدُهُمَا: الْعِلْمُ بِالْمَشْرُوطِ، تَعْلِيمُهُ بِأَحَدِ طَرِيقَيْنِ.
الْأَوَّلُ: بَيَانُ الْقَدْرِ الَّذِي يَعْلَمُهُ بِأَنْ يَقُولَ: كُلُّ الْقُرْآنِ أَوِ السُّبْعُ الْأَوَّلُ أَوِ الْأَخِيرُ. وَحُكِيَ وَجْهٌ شَاذٌّ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ السُّبْعِ. فَإِنْ عُيِّنَ بِالسُّورِ وَالْآيَاتِ، فَعَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْإِجَارَةِ، وَذَكَرْنَا هُنَاكَ الْخِلَافَ فِي اشْتِرَاطِ قِرَاءَةِ نَافِعٍ وَأَبِي عَمْرٍو وَغَيْرِهِمَا. وَقَطَعَ ابْنُ كَجٍّ هُنَا بِعَدَمِ الِاشْتِرَاطِ قَالَ: فَلَوْ شَرَطَ حَرْفَ أَبِي عَمْرٍو، عَلَّمَهَا بِحَرْفِهِ، فَإِنْ عَلَّمَهَا بِحَرْفِ الْكِسَائِيِّ، فَهَلْ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ، أَمْ لَا شَيْءَ لَهُ؟ وَجْهَانِ. وَحَكَى قَوْلَيْنِ فِي أَنَّهَا تَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، أَمْ بِقَدَرِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ أُجْرَةِ التَّعْلِيمِ بِالْحَرْفِ الْمَشْرُوطِ وَالْآخَرِ؟ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَفَاوُتٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute