وَلَوْ قَالَ لَهَا: عَلِّقِي طَلَاقَكِ، فَفَعَلَتْ، أَوْ قَالَهُ لِأَجْنَبِيٍّ، فَفَعَلَ، لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ يَجْرِي مَجْرَى الْأَيْمَانِ، فَلَا يَدْخُلُهُ نِيَابَةً، وَقِيلَ: يَصِحُّ، وَقِيلَ: إِنْ عَلَّقَ عَلَى صِفَةٍ تُوجَدُ لَا مَحَالَةَ، كَطُلُوعِ الشَّمْسِ، وَرَأْسِ الشَّهْرِ، صَحَّ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا التَّعْلِيقِ لَيْسَ بِيَمِينٍ، وَإِنْ كَانَتْ مُحْتَمَلَةَ الْوُجُودِ كَدُخُولِ الدَّارِ، لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّهُ يَمِينٌ، وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ، وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيُّ.
فَرْعٌ
تَفْوِيضُ الْإِعْتَاقِ إِلَى الْعَبْدِ، كَتَفْوِيضِ التَّطْلِيقِ إِلَى الزَّوْجَةِ فِي الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ.
فَصْلٌ
كَمَا يَجُوزُ التَّفْوِيضُ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ، وَيُعْتَدُّ مِنَ الْمُفَوَّضِ إِلَيْهَا بِالصَّرِيحِ، كَذَلِكَ يَجُوزُ التَّفْوِيضُ بِالْكِنَايَاتِ مَعَ النِّيَّةِ، وَيُعْتَدُّ مِنْهَا بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَوَافُقُ لَفْظَيْهِمَا، إِلَّا أَنْ يُقَيَّدَ التَّفْوِيضُ.
فَإِذَا قَالَ: أَبِينِي نَفْسَكِ، أَوْ بِتِّي، فَقَالَتْ: أَبَنْتُ، أَوْ بَتَتُّ، وَنَوَيَا، طُلِّقَتْ. وَإِنْ لَمْ يَنْوِ أَحَدُهُمَا، لَمْ تُطَلَّقْ.
وَلَوْ قَالَ: طَلِّقِي نَفْسَكِ، فَقَالَتْ: أَبَنْتُ نَفْسِي، أَوْ أَنَا خَلِيَّةٌ أَوْ بَرِيَّةٌ، وَنَوَتْ، طُلِّقَتْ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقَالَ ابْنُ خَيْرَانَ، وَأَبُو عَبِيدِ بْنُ خَرْبَوَيْهِ: لَا تُطَلَّقُ. وَلَوْ قَالَ: طَلِّقِي نَفْسَكِ، فَقَالَتْ لِلزَّوْجِ: طَلَّقْتُكَ، فَفِيهِ هَذَا الْخِلَافُ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي عَكْسِهِ بِأَنْ يَقُولَ: أَبِينِي نَفْسَكِ، أَوْ فَوَّضْتُ إِلَيْكِ أَمْرَكِ، أَوْ مَلَّكْتُكِ نَفْسَكِ، أَوْ أَمْرُكِ بِيَدِكِ وَيَنْوِي، فَتَقُولُ: طَلَّقْتُ نَفْسِي، قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ: وَيَجْرِي فِيمَا لَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيٍّ: طَلِّقْهَا، فَقَالَ: أَبَنْتُهَا، وَنَوَى، أَوْ قَالَ: أَبِنْهَا وَنَوَى، فَقَالَ: طَلَّقْتُهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute