وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَبِينِي نَفْسَكِ وَنَوَى، فَقَالَتْ: أَنَا خَلِيَّةٌ وَنَوَتْ، فَإِنْ قُلْنَا بِالصَّحِيحِ، طُلِّقَتْ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ خَيْرَانَ، وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: تُطَلَّقُ، لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ هُنَا عَلَى النِّيَّةِ، وَاللَّفْظُ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ، بِخِلَافِ اخْتِلَافِ الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ. وَلَوْ قَالَ: طَلِّقِي نَفْسَكِ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ، أَوْ قَالَ: بِكِنَايَةِ الطَّلَاقِ، فَعَدَلَ عَنِ الْمَأْذُونِ فِيهِ إِلَى غَيْرِهِ، لَمْ تُطَلَّقْ بِلَا خِلَافٍ. وَلَوْ قَالَ: طَلِّقِي نَفْسَكِ، فَقَالَتْ: سَرَّحْتُ نَفْسِي، طُلِّقَتْ بِلَا خِلَافٍ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الصَّرَاحَةِ.
فَرْعٌ
قَالَ لَهَا: اخْتَارِي نَفْسَكِ وَنَوَى تَفْوِيضَ الطَّلَاقِ، فَقَالَتْ: اخْتَرْتُ نَفْسِي، أَوِ اخْتَرْتُ وَنَوَتْ، وَقَعَتْ طَلْقَةٌ. وَلَوْ قَالَ: اخْتَارِي وَلَمْ يَقُلْ: نَفْسَكِ، وَنَوَى تَفْوِيضَ الطَّلَاقِ، فَقَالَتْ: اخْتَرْتُ، فَفِي «التَّهْذِيبِ» أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ حَتَّى تَقُولَ: اخْتَرْتُ نَفْسِي، وَأَشْعَرَ كَلَامُهُ بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ وَإِنْ نَوَتْ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ وَلَا كَلَامِهَا مَا يُشْعِرُ بِالْفِرَاقِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ: اخْتَارِي نَفْسَكِ، فَإِنَّهُ يُشْعِرُ، فَانْصَرَفَ كَلَامُهَا إِلَيْهِ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ الْبُوشَنْجِيُّ: إِذَا قَالَتْ: اخْتَرْتُ، ثُمَّ قَالَتْ بَعْدَ ذَلِكَ: أَرَدْتُ: اخْتَرْتُ نَفْسِي وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، وَيَقَعُ الطَّلَاقُ.
وَلَوْ قَالَتْ: اخْتَرْتُ نَفْسِي وَنَوَتْ، وَقَعَتْ طَلْقَةٌ، وَتَكُونُ رَجْعِيَّةً إِنْ كَانَتْ مَحَلًّا لِلرَّجْعَةِ. وَلَوْ قَالَتْ: اخْتَرْتُ زَوْجِي أَوِ النِّكَاحَ لَمْ تُطَلَّقْ.
وَلَوْ قَالَتْ: اخْتَرْتُ الْأَزْوَاجَ، أَوِ اخْتَرْتُ أَبَوَيَّ، أَوْ أَخِي، أَوْ عَمِّي، طُلِّقَتْ عَلَى الْأَصَحِّ سَوَاءٌ قَالَ: اخْتَارِي نَفْسَكِ أَوِ اخْتَارِي فَقَطْ.
مَتَّى كَانَ التَّفْوِيضُ وَتَطْلِيقُهَا أَوْ أَحَدُهُمَا بِكِنَايَةٍ فَتَنَازَعَا فِي النِّيَّةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ النَّاوِي، سَوَاءٌ أَثْبَتَهَا أَمْ نَفَاهَا. وَقَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ: إِذَا ادَّعَتْ أَنَّهَا نَوَتْ فَأَنْكَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute