فَقَوْلَانِ. وَيُقَالُ: وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ، فَصَارَ كَمَا لَوْ بَاعَهُ أَوْ أَقْرَضَهُ وَأَقْبَضَهُ فَأَتْلَفَهُ، فَلَا ضَمَانَ قَطْعًا. وَأَظْهَرُهُمَا: يَضْمَنُ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَ مَالَ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْفَاظٍ. وَلَا تَسْلِيطٍ عَلَى الْإِتْلَافِ هُنَا، بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ.
وَلَوْ أَوْدَعَ مَالَهُ عِنْدَ عَبْدٍ فَتَلِفَ عِنْدَهُ، فَلَا ضَمَانَ. وَإِنْ أَتْلَفَهُ، فَهَلْ يَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِرَقَبَتِهِ كَمَا لَوْ أُتْلِفَ ابْتِدَاءً، أَمْ بِذِمَّتِهِ كَمَا لَوْ بَاعَهُ؟ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الصَّبِيِّ. وَإِيدَاعُ السَّفِيهِ وَالْإِيدَاعُ عِنْدَهُ، كَإِيدَاعِ الصَّبِيِّ وَالْإِيدَاعِ عِنْدَهُ.
فَرْعٌ
اسْتَنْبَطُوهُ مِنَ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِي الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ أَصْلًا فِي الْبَابِ
وَهُوَ أَنَّ الْوَدِيعَةَ عَقْدٌ بِرَأْسِهِ، أَمْ إِذْنٌ مُجَرَّدٌ؟ إِنْ قُلْنَا عَقْدٌ، لَمْ يَضْمَنْهُ الصَّبِيُّ، وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ. وَإِنْ قُلْنَا: إِذْنٌ، فَبِالْعَكْسِ، وَخَرَّجُوا عَلَيْهِ وَلَدَ الْجَارِيَةِ الْمُودَعَةِ، وَنِتَاجَ الْبَهِيمَةِ. إِنْ قُلْنَا: عَقْدٌ، فَالْوَلَدُ وَدِيعَةٌ كَالْأُمِّ، وَإِلَّا، فَلَيْسَ بِوَدِيعَةٍ، بَلْ أَمَانَةٌ شَرْعِيَّةٌ فِي يَدِهِ يَجِبُ رَدُّهَا فِي الْحَالِ، حَتَّى لَوْ لَمْ يُؤَدِّ مَعَ التَّمَكُّنِ، ضَمِنَ عَلَى الْأَصَحِّ، كَذَا قَالَهُ الْبَغَوِيُّ.
وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: إِنْ قُلْنَا: عَقْدٌ، لَمْ يَكُنْ وَدِيعَةً، بَلْ أَمَانَةً، اعْتِبَارًا بِعَقْدِ الرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ، وَإِلَّا فَهَلْ يَتَعَدَّى حُكْمُ الْأُمِّ إِلَى الْوَلَدِ كَالْأُضْحِيَةِ، أَمْ لَا كَالْعَارِيَةِ؟ وَجْهَانِ، وَالْمُوَافِقُ لِإِطْلَاقِ الْجُمْهُورِ كَوْنُ الْوَدِيعَةِ عَقْدًا.
فَصْلٌ
فِي أَحْكَامِ الْوَدِيعَةِ
هِيَ ثَلَاثَةٌ.
أَحَدُهَا: الْجَوَازُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا أَوْ جُنُونِهِ أَوْ إِغْمَائِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute