للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَإِنْ جَوَّزْنَا الْمُضِيَّ، فَلَا بُدَّ مِنْ إِعَادَةِ الْقِرَاءَةِ. فَلَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ فِي قِيَامِهِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى أَتَمَّ الرَّكْعَةَ. إِنْ جَوَّزْنَا الْمُضِيَّ، فَرَكْعَتُهُ مَحْسُوبَةٌ، وَلَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. وَإِنْ قُلْنَا: عَلَيْهِ الْقُعُودُ، لَمْ يُحْسَبْ، وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِلزِّيَادَةِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ. وَلَوْ كَانَتِ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، وَعَلِمَ فِي الْقِيَامِ أَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يُسَلِّمْ بَعْدُ، فَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: إِنْ رَجَعَ، فَهُوَ الْوَجْهُ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَتَمَادَى وَيَنْوِيَ الِانْفِرَادَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ، فَفِيهِ الْخِلَافُ فِي قَطْعِ الْقُدْوَةِ. فَإِنْ مَنَعْنَاهُ، تَعَيَّنَ الرُّجُوعُ. وَإِنْ جَوَّزْنَاهُ، فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: يَجِبُ الرُّجُوعُ. لِأَنَّ نُهُوضَهُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ، فَيَرْجِعُ، ثُمَّ يَقْطَعُ الْقُدْوَةَ إِنْ شَاءَ. وَالثَّانِي: لَا يَجِبُ الرُّجُوعُ، لِأَنَّ النُّهُوضَ لَيْسَ مَقْصُودًا لِعَيْنِهِ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الْقِيَامُ فَمَا بَعْدَهُ. هَذَا كَلَامُ الْإِمَامِ. فَلَوْ لَمْ يُرِدْ قَطْعَ الْقُدْوَةِ، فَمُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ: وُجُوبُ الرُّجُوعِ. وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: هُوَ مُخَيَّرٌ، إِنْ شَاءَ رَجَعَ، وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ قَائِمًا سَلَامَ الْإِمَامِ. وَجَوَازُ الِانْتِظَارِ قَائِمًا مُشْكِلٌ، لِلْمُخَالَفَةِ الظَّاهِرَةِ. فَإِنْ كَانَ قَرَأَ قَبْلَ تَبَيُّنِ الْحَالِ، لَمْ يَعْتَدَّ بِقِرَاءَتِهِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ، بَلْ عَلَيْهِ اسْتِئْنَافُهَا.

قُلْتُ: الصَّحِيحُ: وُجُوبُ الرُّجُوعِ فِي الْحَالَتَيْنِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ

إِذَا سَهَا الْإِمَامُ فِي صَلَاتِهِ، لَحِقَ سَهْوُهُ الْمَأْمُومَ وَيُسْتَثْنَى صُورَتَانِ. إِحْدَاهُمَا: إِذَا بَانَ الْإِمَامُ مُحْدِثًا، فَلَا يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ، وَلَا يَتَحَمَّلُ عَنِ الْمَأْمُومِ أَيْضًا. الثَّانِيَةُ: أَنْ يَعْلَمَ سَبَبَ سُجُودِ الْإِمَامِ، وَيَتَيَقَّنَ غَلَطَهُ فِي ظَنِّهِ، كَمَا إِذَا ظَنَّ الْإِمَامُ تَرْكَ بَعْضِ الْأَبْعَاضِ، وَالْمَأْمُومُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ، فَلَا يُوَافِقُهُ إِذَا سَجَدَ. ثُمَّ إِذَا سَجَدَ الْإِمَامُ

<<  <  ج: ص:  >  >>