يَبِيعَ، وَأَمَّا الذِّمِّيُّ، فَلَهُ أَنْ يَتَّجِرَ فِيمَا سِوَى الْحِجَازِ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ تِجَارَتِهِ شَيْءٌ، قَالَ فِي «الْبَيَانِ» : إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ عَلَيْهِ مَعَ الْجِزْيَةِ شَيْءٌ مِنْ تِجَارَتِهِ، فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ الْحِجَازَ، وَيَتَّجِرَ فِيهِ، فَقَدْ ذَكَرَ الْغَزَالِيُّ فِي «الْوَجِيزِ» خِلَافًا فِي أَنَّهُ هَلْ يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ؟ وَلَا وُجُودَ لِهَذَا الْخِلَافِ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْأَصْحَابِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي «الْوَسِيطِ» بَلِ الَّذِي نَقَلَهُ الْأَصْحَابُ أَنَّ الذِّمِّيَّ فِي الْحِجَازِ كَالْحَرْبِيِّ فِي سَائِرِ بِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَمَا يُؤْخَذُ مِنَ الذِّمِّيِّ لَا يُؤْخَذُ فِي كُلِّ سَنَةٍ إِلَّا مَرَّةً، كَالْجِزْيَةِ، وَكَذَا الْحَرْبِيُّ إِذَا أُخِذَتْ مِنْهُ الضَّرِيبَةُ مَرَّةً لَا تُؤْخَذُ ثَانِيًا حَتَّى يَمْضِيَ إِذَا كَانَ يَطُوفُ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ بِأَجْرٍ أَوْ يُكْتَبُ لَهُ وَلِلذِّمِّيِّ بَرَاءَةٌ حَتَّى لَا يُطَالَبَ فِي بَلَدٍ آخَرَ قَبْلَ الْحَوْلِ، فَإِنْ رَجَعَ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ عَادَ فِي الْحَوْلِ، فَهَلْ تُؤْخَذُ كُلُّ مَرَّةٍ أَمْ لَا تُؤْخَذُ إِلَّا مَرَّةً؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّهِ، وَالْإِمَامُ بِالْخِيَارِ فِيمَا يَضْرِبُهُ بَيْنَ اسْتِيفَائِهِ دُفْعَةً أَوْ دُفُعَاتٍ، ثُمَّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَخْذِ الْمَالِ مِنْ تِجَارَةِ الْحَرْبِيِّ أَوِ الذِّمِّيِّ هُوَ فِيمَا إِذَا شَرَطَ الْإِمَامُ عَلَيْهِ، فَأَمَّا إِذَا أُذِنَ لِحَرْبِيٍّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، أَوْ لِذِمِّيٍّ فِي دُخُولِ الْحِجَازِ بِلَا شَرْطٍ، فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: تُؤْخَذُ، حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمَعْهُودِ، وَأَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَلْتَزِمُوا.
فَرْعٌ
الْمَرْأَةُ التَّابِعَةُ لِلزَّوْجِ أَوِ الْقَرِيبِ فِي عَقْدِ الذِّمَّةِ إِذَا تَرَدَّدَتْ مُتَّجِرَةً فِي الْحِجَازِ، أَوْ فِي غَيْرِ الْحِجَازِ، حُكْمُهَا حُكْمُ الذِّمِّيِّ.
فَصْلٌ
إِذَا صَالَحْنَا طَائِفَةً مِنَ الْكُفَّارِ عَلَى أَنْ تَكُونَ أَرْضُهُمْ لَهُمْ، وَيُؤَدُّوا خَرَاجًا عَنْ كُلِّ جَرِيبٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ كَذَا، جَازَ وَيَسْتَمِرُّ مِلْكُهُمْ وَيَكُونُ الْمَأْخُوذُ جِزْيَةً تُصْرَفُ مَصْرِفَ الْفَيْءِ، وَالتَّوْكِيلُ بِإِعْطَائِهِ كَالتَّوْكِيلِ بِإِعْطَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute