الْجِزْيَةِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَبْلُغَ قَدْرًا يَخُصُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْجِزْيَةِ مِنْهُ دِينَارًا إِذَا وُزِّعَ عَلَى رُؤُوسِهِمْ، وَيَلْزَمُهُمْ ذَلِكَ زَرَعُوا أَمْ لَا، وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ أَرْضِ صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا امْرَأَةٍ، وَلَهُمْ بَيْعُ تِلْكَ الْأَرْضِ وَهِبَتُهَا وَإِجَارَتُهَا، وَإِذَا أَجَّرَ بَعْضُهُمْ بَعْضَهَا لِمُسْلِمٍ بَقِيَ الْخَرَاجُ عَلَى الْمُكْرِيِّ، وَيَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرُ الْأُجْرَةَ، وَإِنْ بَاعَ لِمُسْلِمٍ، انْتَقَلَ الْوَاجِبُ إِلَى رَقَبَةِ الْبَائِعِ وَلَا خَرَاجَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلَوْ أَسْلَمُوا بَعْدَ الصُّلْحِ، سَقَطَ الْخَرَاجُ، وَيَلْزَمُهُمْ أَنْ يُؤَدُّوا عَنِ الْمَوَاتِ الَّذِي يَمْنَعُونَنَا مِنْهُ دُونَ مَا لَا يَمْنَعُونَ مِنْهُ، وَلَوْ أَحْيَوْا مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ الصُّلْحِ، لَمْ يَلْزَمْهُمْ شَيْءٌ لِمَا أَحْيَوْا إِلَّا إِذَا شَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُؤَدُّوا عَمَّا يُحْيُونَ، وَلَوْ صَالَحْنَاهُمْ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَنَا وَيَسْكُنُونَهَا وَيُؤَدُّونَ عَنْ كُلِّ جَرِيبٍ، فَهُوَ عَقْدُ إِجَارَةٍ، وَالْمَأْخُوذُ أُجْرَةٌ، فَتَجِبُ مَعَهَا الْجِزْيَةُ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَبْلُغَ دِينَارًا عَنْ كُلِّ رَأْسٍ، وَتُؤْخَذُ مِنْ أَرْضِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ، وَيَجُوزُ تَوْكِيلُ الْمُسْلِمِ فِي أَدَائِهَا، وَلَيْسَ لَهُمْ بَيْعُ تِلْكَ الْأَرْضِ وَلَا هِبَتُهَا، وَلَهُمْ إِجَارَتُهَا.
الطَّرَفُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ عَقْدِ الذِّمَّةِ
فَإِذَا صَحَّ عَقْدُهَا، لَزِمَنَا شَيْءٌ، وَلَزِمَهُمْ شَيْءٌ، أَمَّا مَا يَلْزَمُنَا فَأَمْرَانِ، أَحَدُهُمَا: الْكَفُّ عَنْهُمْ، بِأَنْ لَا يُتَعَرَّضَ لَهُمْ نَفْسًا وَمَالًا، وَيَضْمَنُهُمَا الْمُتْلِفُ، وَلَا يُتَعَرَّضُ لِكَنَائِسِهِمْ عَلَى تَفْصِيلٍ سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَا تُتْلَفُ خُمُورُهُمْ وَخَنَازِيرُهُمْ إِلَّا إِذَا أَظْهَرُوهَا، فَمَنْ أَرَاقَ أَوْ قَتَلَ مِنْ غَيْرِ إِظْهَارٍ، عَصَى، وَلَكِنْ لَا ضَمَانَ، وَلَوْ بَاعَ ذِمِّيٌّ لِمُسْلِمٍ خَمْرًا، أُرِيقَتْ عَلَى الْمُسْلِمِ وَلَا ثَمَنَ لِلذِّمِّيِّ، وَإِنْ غَصَبَهَا مِنْ ذِمِّيٍّ، وَجَبَ رَدُّهَا عَلَى الصَّحِيحِ، وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ الرَّدِّ، قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَلَوْ كَانَ لِمُسْلِمٍ عَلَى ذِمِّيٍّ دَيْنٌ، فَقَضَاهُ، وَجَبَ الْقَبُولُ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْمُؤَدَّى ثَمَنٌ مُحَرَّمٌ، فَإِنْ عَلِمَ، بِأَنْ بَاعَ الْخَمْرَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَخَذَ ثَمَنَهَا، فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ؟ وَجْهَانِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute