عَلَى الصَّحِيحِ، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: يَصِحُّ، وَقَبُولُهُ الْإِطْعَامَ وَعْدٌ إِنْ شَاءَ وَفَّى بِهِ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَفِ.
قُلْتُ: وَفِي «التَّنْبِيهِ» وَجْهَانِ آخَرَانِ، أَحَدُهُمَا: يَفْسُدُ الْمُسَمَّى، وَيَجِبُ عِوَضُ الْمِثْلِ، وَالثَّانِي: يَصِحُّ الْعَقْدُ وَلَا عِوَضَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
الْأَشْيَاءُ الَّتِي ذَكَرَ الْأَصْحَابُ اعْتِبَارَ السَّبْقِ بِهَا ثَلَاثَةٌ: أَحَدُهَا: الْكَتَدُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِهَا، وَالْفَتْحِ أَشْهَرُ، وَهُوَ مَجْمَعُ الْكَفَّيْنِ بَيْنَ أَصْلِ الْعُنُقِ وَالظَّهْرِ. الثَّانِي: الْأَقْدَامُ وَهِيَ الْقَوَائِمُ. الثَّالِثُ: الْهَادِي وَهُوَ الْعُنُقُ، وَنَقَلَ الْإِمَامُ اخْتِلَافَ وَجْهٍ أَوْ قَوْلٍ فِي أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْهَادِي، أَمْ بِمَوْضِعِ الْأَقْدَامِ وَالْكَتَدِ، وَرَأَيُ الثَّانِي أَقْيَسُ، وَالَّذِي يُوجَدُ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ فِي كُتُبِهِمْ أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْإِبِلِ بِالْكَتَدِ، وَفِي الْخَيْلِ بِالْهَادِي، لِأَنَّ الْإِبِلَ تَرْفَعُ أَعْنَاقَهَا فِي الْعَدْوِ، فَلَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ، وَالْخَيْلُ تَمُدُّهَا، قَالُوا: فَإِذَا اسْتَوَى الْفَرْسَانِ فِي خِلْقَةِ الْعُنُقِ طُولًا وَقِصَرًا، فَالَّذِي تَقَدَّمَ بِالْعُنُقِ، أَوْ بَعْضِهِ هُوَ السَّابِقُ، وَإِنِ اخْتَلَفَا فَإِنْ تَقَدَّمَ أَقْصَرُهُمَا عُنُقًا، فَهُوَ السَّابِقُ، وَإِنْ تَقَدَّمَ الْآخَرُ، نُظِرَ إِنْ تَقَدَّمَ بِقَدْرِ زِيَادَةِ الْخِلْقَةِ فَمَا دُونَهَا، فَلَيْسَ بِسَابِقٍ، وَإِنْ تَقَدَّمَ بِأَكْثَرَ، فَسَابِقٌ، وَحَكَيْتُ أَوْجُهَ أُخَرَ ضَعِيفَةً، أَحَدُهَا: أَنَّ عِنْدَ اخْتِلَافِ خِلْقَةِ الْعُنُقِ يُعْتَبَرُ فِي الْخَيْلِ الْكَتَدُ، حُكِيَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَرَجَّحَهُ الرُّويَانِيُّ، وَالثَّانِي: أَنَّ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْخِلْقَةِ إِذَا سَبَقَ أَطْوَلُهُمَا عُنُقًا بِبَعْضِ عُنُقِهِ، وَكَتَدُهُمَا سَوَاءٌ، كَانَ سَابِقًا. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ إِنْ كَانَ فِي جِنْسِ الْخَيْلِ مَا يَرْفَعُ الرَّأْسَ عِنْدَ الْعَدْوِ، اعْتُبِرَ فِيهِ الْكَتَدُ كَمَا فِي الْإِبِلِ. وَالرَّابِعُ: أَنَّ التَّقَدُّمَ بِأَيِّهِمَا حَصَلَ، حَصَلَ السَّبْقُ، وَعَلَى هَذَا لَوْ تَقَدَّمَ أَحَدُهُمَا بِأَحَدِهِمَا، وَالْآخَرُ بِالْآخَرِ فَلَا سَبْقَ. وَالْخَامِسُ: حَكَاهُ ابْنُ الْقَطَّانِ: لَا يُعْتَبَرُ هَذَا وَلَا ذَاكَ، بَلْ يُعْتَبَرُ عُرْفُ النَّاسِ وَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute