وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الِاسْفَرَايِينِي: يَلْزَمُ الْحَرْبِيَّ ضَمَانُ النَّفْسِ وَالْمَالِ، لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِفُرُوعِ الشَّرْعِ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْعَبَّادِيُّ: وَيُعْزَى هَذَا إِلَى الْمُزَنِيِّ فِي الْمَنْثُورِ.
بَابُ مَا يُشْتَرَطُ مُسَاوَاةُ الْقَتِيلِ الْقَاتِلَ فِيهِ لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ وَمَا لَا يُؤَثِّرُ اخْتِلَافُهُمَا فِيهِ.
الْخِصَالُ الَّتِي يَفْضُلُ الْقَاتِلُ الْقَتِيلَ بِهَا كَثِيرَةٌ، وَلَا يُؤَثِّرُ مِنْهَا فِي مَنْعِ الْقِصَاصِ إِلَّا ثَلَاثٌ وَهِيَ: الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْوِلَادَةُ.
فَإِنِ اسْتَوَى الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي عَدَمِ الثَّلَاثَةِ، أَوْ وُجُودِ مَا يُمْكِنُ وُجُودُهُ، جَرَى الْقِصَاصُ بَيْنَهُمَا، وَإِلَّا قُتِلَ الْمَفْضُولُ بِالْفَاضِلِ وَلَا عَكْسَ.
الْخَصْلَةُ الْأُولَى: الْإِسْلَامُ، فَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ، حَرْبِيًّا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا، أَوْ مُعَاهِدًا، وَيُقْتَلُ الذِّمِّيُّ وَالْمُعَاهِدُ بِالْمُسْلِمِ، وَيُقْتَلُ الذِّمِّيُّ بِالذِّمِّيِّ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ مِلَّتُهُمَا، كَيَهُودِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ، وَلَوْ قَتَلَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيًّا، ثُمَّ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ اقْتُصَّ مِنْهُ، وَلَوْ جَرَحَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيًّا، أَوْ مُعَاهِدًا، وَأَسْلَمَ الْجَارِحُ، ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ بِالسِّرَايَةِ، وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَهَذَا الْخِلَافُ فِي قِصَاصِ النَّفْسِ.
فَإِنْ جَرَحَ جُرْحًا يُوجِبُ قِصَاصًا، كَقَطْعِ طَرَفٍ، ثُمَّ أَسْلَمَ الْقَاطِعُ، ثُمَّ سَرَى، وَجَبَ الْقِصَاصُ فِي الطَّرَفِ قَطْعًا، ثُمَّ إِذَا طَرَأَ إِسْلَامُ الْقَاتِلِ بَعْدَ الْقَتْلِ، أَوْ بَعْدَ قَطْعِ الطَّرْفِ، اسْتَوْفَى الْإِمَامُ الْقِصَاصَ بِطَلَبِ الْوَارِثِ، وَلَا يُفَوِّضُهُ إِلَيْهِ حِذَارًا مِنْ تَسْلِيطِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ، إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ، فَيُفَوِّضَهُ إِلَيْهِ.
وَلَوْ قَتَلَ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا، ثُمَّ ارْتَدَّ، أَوْ جَرَحَهُ، ثُمَّ ارْتَدَّ، ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ، فَلَا قِصَاصَ، لِعَدَمِ الْمُكَافَأَةِ حَالَةَ الْجِنَايَةِ، وَلَوْ قَتَلَ ذِمِّيٌّ مُسْلِمًا، ثُمَّ أَسْلَمَ، لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْقِصَاصُ.
وَلَوْ قَتَلَ عَبْدٌ مُسْلِمٌ عَبْدًا مُسْلِمًا لِكَافِرٍ، فَهَلْ يَثْبُتُ الْقِصَاصُ، وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: وُجُوبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute