كِتَابُ الْجَعَالَةِ
هِيَ أَنْ يَقُولَ: مَنْ رَدَّ عَبْدِي الْآبِقَ، أَوْ دَابَّتِي الضَّالَّةَ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَلَهُ كَذَا، وَهِيَ عَقْدٌ صَحِيحٌ لِلْحَاجَةِ، وَأَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ. أَحَدُهَا: الصِّيغَةُ الدَّالَّةُ عَلَى الْإِذْنِ فِي الْعَمَلِ بِعِوَضٍ يَلْتَزِمُهُ، فَلَوْ رَدَّ آبِقًا أَوْ ضَالَّةً بِغَيْرِ إِذْنِ مَالِكِهَا، فَلَا شَيْءَ لَهُ، سَوَاءٌ كَانَ الرَّادُّ مَعْرُوفًا بِرَدِّ الضَّوَالِّ، أَمْ لَا.
وَلَوْ قَالَ لِزَيْدٍ: رُدَّ آبِقِي وَلَكَ دِينَارٌ، فَرَدَّهُ عَمْرٌو، لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا، لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرُطْ لَهُ. وَلَوْ رَدَّهُ عَبْدُ زَيْدٍ، اسْتَحَقَّ زَيْدٌ لِأَنَّ يَدَ عَبْدِهِ يَدُهُ. وَلَوْ قَالَ: مَنْ رَدَّهُ فَلَهُ كَذَا، فَرَدَّهُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ نِدَاؤُهُ، لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا، لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ. فَإِنَ قَصَدَ التَّعَوُّضَ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْعَمَلِ لَا يُحْبَطُ، لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلَا أَثَرَ لِاعْتِقَادِهِ. وَعَنِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ، تَرَدَّدَ فِيهِ. وَلَوْ عَيَّنَ رَجُلًا فَقَالَ: إِنْ رَدَّهُ زَيْدٌ فَلَهُ كَذَا، فَرَدَّهُ زَيْدٌ غَيْرَ عَالِمٍ بِإِذْنِهِ، لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا. وَلَوْ أَذِنَ فِي الرَّدِّ وَلَمْ يَشْرُطْ عِوَضًا، فَلَا شَيْءَ لِلرَّادِّ عَلَى الْمَذْهَبِ وَظَاهِرِ النَّصِّ، وَفِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِيمَنْ قَالَ: اغْسِلْ ثَوْبِي وَلَمْ يُسَمِّ عِوَضًا.
فَصْلٌ
لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُلْتَزِمُ مَنْ يَقَعُ الْعَمَلُ فِي مِلْكِهِ. فَلَوْ قَالَ غَيْرُ الْمَالِكِ: مَنْ رَدَّ عَبْدَ فُلَانٍ فَلَهُ كَذَا، اسْتَحَقَّهُ الرَّادُّ عَلَى الْقَائِلِ. وَلَوْ قَالَ فُضُولِيٌّ: قَالَ فُلَانٌ مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ كَذَا، لَمْ يَسْتَحِقَّ الرَّادُّ عَلَى الْفُضُولِيِّ شَيْئًا، لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ. وَأَمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute