فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: يُعَرِّفُهُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، وَيَقْرُبُ مِنْهُ قَوْلُ الْإِمَامِ: يَكْفِي بُلُوغُ التَّعْرِيفِ إِلَى الْأَجْنَادِ إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مُسْلِمٌ سِوَاهُمْ، وَلَا يُنْظَرُ إِلَى احْتِمَالِ مُرُورِ التُّجَّارِ، وَفِي الْمُهَذَّبِ وَالتَّهْذِيبِ يُعَرِّفُهُ سَنَةً، وَلَفْظُ التَّهْذِيبِ: أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ ضَالَّةً فِي دَارِ الْحَرْبِ لِحَرْبِيٍّ، فَهِيَ غَنِيمَةٌ، فَالْخُمُسُ لِأَهْلِهِ، وَالْبَاقِي لَهُ وَلِمَنْ مَعَهُ، وَلَوْ وَجَدَ ضَالَّةً لِحَرْبِيٍّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، لَمْ يَخْتَصَّ هُوَ بِهَا، بَلْ تَكُونُ فَيْئًا، وَكَذَا لَوْ دَخَلَ صَبِيٌّ، أَوِ امْرَأَةٌ مِنْهُمْ بِلَادَنَا، فَأَخَذَهُ رَجُلٌ، يَكُونُ فَيْئًا، وَإِنْ دَخَلَ مِنْهُمْ رَجُلٌ، فَأَخَذَهُ مُسْلِمٌ، كَانَ غَنِيمَةً، لِأَنَّ لِأَخْذِهِ مُؤْنَةً، وَلِلْإِمَامِ الْخِيَارُ فِيهِ، فَإِنِ اسْتَرَقَّهُ، كَانَ الْخُمُسُ لِأَهْلِهِ، وَالْبَاقِي لِمَنْ أَخَذَهُ بِخِلَافِ الضَّالَّةِ، لِأَنَّهَا مَالٌ لِلْكُفَّارِ حَصَلَ فِي أَيْدِينَا بِلَا قِتَالٍ.
فَرْعٌ
الْمُبَاحَاتُ الَّتِي لَمْ يَمْلِكْهَا أَحَدٌ، كَالْحَطَبِ وَالْحَشِيشِ وَالْحَجَرِ وَالصَّيْدِ الْبَرِّيِّ وَالْبَحْرِيِّ، مِنْ أَخْذِهَا، مَلَكَهَا كَدَارِ الْإِسْلَامِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمُخْتَصَرِ: إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَصْنُوعًا أَوْ صَيْدًا مُقَرَّطًا أَوْ مَوْسُومًا، فَلَا يَكُونُ لِمَنْ أَخَذَهُ، يَعْنِي إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَجَرًا مَصْنُوعًا بِنَقْرٍ أَوْ نَقْشٍ، أَوْ مَنْحُوتًا، وَالْمُقَرَّطُ: فِي أُذُنِهِ قُرْطٌ، وَيُرْوَى مُقْرَطَقٌ، وَهُوَ الَّذِي جُزَّ صُوفُهُ، وَجُعِلَ عَلَى هَيْئَةِ الْقُرْطَقِ، فَهَذِهِ الْأَحْوَالُ آثَارٌ لِلْمِلْكِ وَالدَّارُ لِلْكُفَّارِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَانَتْ لَهُمْ، فَتَكُونُ غَنِيمَةً، فَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهَا لِمُسْلِمٍ، فَهِيَ كَسَائِرِ الضَّوَالِّ يَجِبُ تَعْرِيفُهَا كَمَا سَبَقَ.
فَصْلٌ
لِلْغَنِيمَةِ أَحْكَامٌ، أَحَدُهَا: يَجُوزُ التَّبَسُّطُ بِتَنَاوُلِ أَطْعِمَتِهَا، وَبِعَلَفِ الدَّوَابِّ قَبْلَ الْقِسْمَةِ بِلَا عِوَضٍ، فَيَحْتَاجُ إِلَى بَيَانِ جِنْسِ الْمَأْخُوذِ، وَالْمَنْفَعَةِ الْمُعْتَبَرَةِ، وَالْأَخْذِ وَمَكَانِ الْأَخْذِ، أَمَّا جِنْسُهُ، فَهُوَ الْقُوتُ وَمَا يَصْلُحُ بِهِ الْقُوتُ، وَاللَّحْمُ وَالشَّحْمُ وَكُلُّ طَعَامٍ يُعْتَادُ أَكْلُهُ عَلَى الْعُمُومِ، وَلِعَلَفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute