فَرْعٌ
قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ: إِنْ شِئْتُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ، فَشَاءَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ طَلَاقَ نَفْسِهَا دُونَ ضَرَّتِهَا، قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْبُوشَنْجِيُّ: الْقِيَاسُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ، لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ تَعْلِيقُ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِمَشِيئَتِهَا، وَفِي «التَّتِمَّةِ» مَا يَقْتَضِي تَعْلِيقَ طَلَاقِ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِالْمَشِيئَتَيْنِ.
ذَكَرَ الْبَغَوِيُّ، أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ كَيْفَ شِئْتِ، قَالَ أَبُو زَيْدٍ وَالْقَفَّالُ: تُطَلَّقُ شَاءَتْ أَمْ لَمْ تَشَأْ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: لَا تُطَلَّقُ حَتَّى تُوجَدَ مَشِيئَةٌ فِي الْمَجْلِسِ، إِمَّا مَشِيئَةُ أَنْ تُطَلَّقَ، وَإِمَّا مَشِيئَةُ أَنْ لَا تُطَلَّقَ، قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَكَذَا الْحُكْمُ فِي قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ شِئْتِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شِئْتِ أَوْ أَبَيْتِ، فَمُقْتَضَى اللَّفْظِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ: الْمَشِيئَةُ أَوِ الْإِبَاءُ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ قُمْتِ أَوْ قَعَدْتِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، شِئْتِ أَوْ أَبَيْتِ، طُلِّقَتْ فِي الْحَالِ، إِذْ لَا تَعْلِيقَ فِي هَذَا.
فَصْلٌ
قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبُوكِ أَوْ فُلَانٌ وَاحِدَةً، فَشَاءَ وَاحِدَةً، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، أَصَحُّهَا: لَا يَقَعُ شَيْءٌ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ أَبُوكِ الدَّارَ، فَدَخَلَ. وَعَلَى هَذَا لَوْ شَاءَ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ أَيْضًا، لِأَنَّهُ شَاءَ وَاحِدَةً وَزَادَ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ إِذَا شَاءَ وَاحِدَةً وَقَعَتْ، وَالثَّالِثُ، يَقَعُ طَلْقَتَانِ، وَتَقْدِيرُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبُوكِ أَنْ لَا يَقَعَ وَاحِدَةٌ مِنْهَا، فَلَا يَقَعُ، فَإِذَا قُلْنَا بِالْأَوَّلِ، فَقَالَ: أَرَدْتُ الْمُرَادَ بِالثَّانِي، قُبِلَ، وَإِنْ قُلْنَا: بِالثَّانِي، فَقَالَ: أَرَدْتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute