لَوْ بَاعَهَا الْمُلْتَقِطُ فَجَاءَ الْمَالِكُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، فَهَلْ لَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الشَّاشِيُّ، وَوَجْهُ الْمَنْعِ بِأَنَّ الْفَسْخَ حَقٌّ لِلْعَاقِدِ، فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ. وَجَعَلَ ابْنُ كَجٍّ الْوَجْهَيْنِ فِي أَنَّهُ يُجْبِرُ الْمُلْتَقِطَ عَلَى الْفَسْخِ، وَيَجُوزُ فَرْضُ الْوَجْهَيْنِ فِي الِانْفِسَاخِ. فَإِنْ زَادَتْ، فَالْمُتَّصِلَةُ تَتْبَعُهَا، وَالْمُنْفَصِلَةُ تُسَلَّمُ لِلْمُلْتَقِطِ، وَيَرُدُّ الْأَصْلَ، وَإِنْ نَقَصَتْ بِعَيْبٍ وَنَحْوِهِ وَقُلْنَا: لَوْ بَقِيَتْ بِحَالِهَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ أَخْذُهَا قَهْرًا، رَجَعَ إِلَى بَدَلِهَا سَلِيمَةً. وَإِنْ قُلْنَا: لَهُ أَخْذُهَا قَهْرًا فَكَذَا هُنَا، وَيُغَرِّمُهُ الْأَرْشَ، لِأَنَّ الْكُلَّ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: لَا أَرْشَ عَلَيْهِ، وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيُّ. وَلَوْ أَرَادَ بَدَلَهَا، وَقَالَ الْمُلْتَقِطُ: أَضُمُّ إِلَيْهَا الْأَرْشَ وَأَرُدُّهَا، أُجِيبَ الْمُلْتَقِطُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَالثَّانِي: يُجَابُ الْمَالِكُ، فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ الْبَدَلِ أَوِ الْعَيْنِ النَّاقِصَةِ مَعَ الْأَرْشِ، أَوْ دُونَهُ كَمَا سَبَقَ.
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ تَكُونَ تَالِفَةً، فَعَلَيْهِ بَدَلُهَا: الْمِثْلُ، أَوِ الْقِيمَةُ. وَالِاعْتِبَارُ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّمَلُّكِ. وَقَالَ الْكَرَابِيسِيُّ - مِنْ أَصْحَابِنَا -: لَا يُطَالَبُ بِالْقِيمَةِ، وَلَا بِرَدِّ الْعَيْنِ عِنْدَ بَقَائِهَا. وَالصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ هُوَ الْأَوَّلُ. وَعَلَى هَذَا، فَالضَّمَانُ ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ يَوْمِ التَّلَفِ. وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ: أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ، وَإِنَّمَا يَتَوَجَّهُ عِنْدَ مَجِيءِ الْمَالِكِ وَطَلَبِهِ.
فَصْلٌ
فِي مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِالْكِتَابِ
إِحْدَاهَا: وَجَدَ رَجُلَانِ لُقْطَةً، يُعَرِّفَانِهَا، وَيَتَمَلَّكَانِهَا، وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا نَقْلُ حَقِّهِ إِلَى صَاحِبِهِ، كَمَا لَا يَجُوزُ لِلْمُلْتَقِطِ نَقْلُ حَقِّهِ إِلَى غَيْرِهِ.
الثَّانِيَةُ: تَنَازَعَا، فَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً أَنَّهُ الْمُلْتَقِطُ، فَإِنْ تَعَرَّضَتْ بَيِّنَةٌ لِسَبْقٍ، حُكِمَ بِهَا، وَإِلَّا، فَعَلَى الْخِلَافِ فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute