الثَّالِثَةُ: ضَاعَتْ مِنْ يَدِ الْمُلْتَقِطِ، فَأَخَذَهَا آخَرُ، فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ بِهَا عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: الثَّانِي.
الرَّابِعُ: كَانَا يَتَمَاشَيَانِ، فَرَأَى أَحَدُهُمَا اللُّقَطَةَ، وَأَخْبَرَ بِهَا الْآخَرُ، فَالْآخِذُ أَوْلَى. فَلَوْ أَرَاهُ اللُّقَطَةَ وَقَالَ: هَاتِهَا، فَأَخَذَهَا لِنَفْسِهِ، فَهِيَ لِلْآخِذِ. وَإِنْ أَخَذَهَا لِلْآمِرِ، أَوْ لَهُ وَلِنَفْسِهِ، فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي جَوَازِ التَّوْكِيلِ بِالِاصْطِيَادِ وَنَحْوِهِ.
الْخَامِسَةُ: رَأَى شَيْئًا مَطْرُوحًا عَلَى الْأَرْضِ، فَدَفَعَهُ بِرِجْلِهِ لِيَعْرِفَ جِنْسَهُ، أَوْ قَدْرَهُ، وَلَمْ يَأْخُذْهُ حَتَّى ضَاعَ، لَمْ يَضْمَنْهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِي يَدِهِ، قَالَهُ الْمُتَوَلِّي.
السَّادِسَةُ: دَفَعَ اللُّقَطَةَ إِلَى الْحَاكِمِ وَتَرَكَ التَّعْرِيفَ وَالتَّمَلُّكَ، ثُمَّ نَدِمَ وَأَرَادَ أَنْ يُعَرِّفَ وَيَتَمَلَّكَ، فَفِي تَمْكِينِهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ كَجٍّ.
قُلْتُ: الْمُخْتَارُ الْمَنْعُ، لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
السَّابِعَةُ: قَالَ فِي «الْمُهَذَّبِ» : لَوْ وَجَدَ خَمْرًا أَرَاقَهَا صَاحِبُهَا، لَمْ يَلْزَمْهُ تَعْرِيفُهَا، لِأَنَّ إِرَاقَتَهَا مُسْتَحَقَّةٌ. فَإِنْ صَارَتْ عِنْدَهُ خَلًّا، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا لِلْمُرِيقِ، كَمَا لَوْ غَصَبَهَا فَصَارَتْ خَلًّا. وَالثَّانِي: لِلْوَاجِدِ، لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ، بِخِلَافِ الْغَصْبِ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ تَصْوِيرًا وَتَوْجِيهًا، إِنَّمَا يَسْتَمِرُّ فِي الْخَمْرَةِ الْمُحْتَرَمَةِ، وَحِينَئِذٍ لَا تَكُونُ إِرَاقَتُهَا مُسْتَحَقَّةً. أَمَّا فِي الِابْتِدَاءِ، فَظَاهِرٌ. وَأَمَّا عِنْدَ الْوَاجِدِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ إِمْسَاكُهَا إِذَا خَلَا عَنْ قَصْدٍ فَاسِدٍ، ثُمَّ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَا ذَكَرَهُ مَخْصُوصًا بِمَا إِذَا أَرَاقَهَا، لِأَنَّهُ مَعْرِضٌ. أَمَّا إِذَا ضَاعَتِ الْمُحْتَرَمَةُ مِنْ صَاحِبِهَا، فَلْتُعَرَّفْ كَالْكَلْبِ.
قُلْتُ: أَمَّا قَوْلُ الْإِمَامِ الرَّافِعِيِّ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ. . إِلَى آخِرِهِ، فَكَذَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ «الْمُهَذَّبِ» فَقَالَ: وَجَدَ خَمْرًا أَرَاقَهَا صَاحِبُهَا. وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنَّ الْوَاجِدَ يَجُوزُ لَهُ إِمْسَاكُهَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute