فَصْلٌ
قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ: إِحْدَاكُمَا طَالِقٌ، فَإِنْ قَصَدَ وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا، فَهِيَ الْمُطَلَّقَةُ، فَعَلَيْهِ بَيَانُهَا. وَإِنْ أَرْسَلَ اللَّفْظَ وَلَمْ يَقْصِدْ مُعَيَّنَةً، طُلِّقَتْ إِحْدَاهُمَا مُبْهَمًا وَيُعَيِّنُهَا الزَّوْجُ، وَهَذَانِ الْقِسْمَانِ يَشْتَرِكَانِ فِي أَحْكَامٍ، وَيَفْتَرِقَانِ فِي أَحْكَامٍ، ثُمَّ تَارَةً يُفَصَّلُ حُكْمُهُمَا فِي الْحَيَاةِ، وَتَارَةً بَعْدَ الْمَوْتِ.
الْحَالَةُ الْأُولَى: حَالَةُ الْحَيَاةِ، وَفِيهَا مَسَائِلُ:
الْأُولَى: يُلْزَمُ الزَّوْجُ بِالتَّبْيِينِ إِذَا نَوَى وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا، وَبِالتَّعْيِينِ إِذَا لَمْ يَنْوِ، وَيُمْنَعْ مِنْ قُرْبَانِهِمَا حَتَّى يُبَيِّنَ، أَوْ يُعَيِّنَ، وَذَلِكَ بِالْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا، وَيَلْزَمُهُ التَّبْيِينُ وَالتَّعْيِينُ عَلَى الْفَوْرِ، فَإِنْ أَخَّرَ، عَصَى، فَإِنِ امْتَنَعَ، حُبِسَ وَعُزِّرَ، وَلَا يُقْنَعُ بِقَوْلِهِ: نَسِيتُ الْمُعَيَّنَةَ، وَإِذَا بَيَّنَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، فَلِلْأُخْرَى أَنْ تَدَّعِيَ عَلَيْهِ أَنَّكَ نَوَيْتَنِي وَتُحَلِّفَهُ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَطُلِّقَتَا، وَإِذَا عَيَّنَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ، فَلَا دَعْوَى لَهَا، لِأَنَّهُ اخْتِيَارٌ يُنْشِئُهُ، هَذَا كُلُّهُ فِي الطَّلَاقِ الْبَائِنِ، فَلَوْ أَبْهَمَ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً بَيْنَهُمَا، فَهَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يُبَيِّنَ أَوْ يُعَيِّنَ فِي الْحَالِ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْإِمَامُ، أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، لِحُصُولِ التَّحْرِيمِ، وَأَصَحُّهُمَا: لَا، لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمَا إِلَى الْبَيَانِ وَالتَّعْيِينِ، وَإِذَا بَيَّنَ أَوْ عَيَّنَ، لَا يُسْتَرَدُّ الْمَصْرُوفُ إِلَى الْمُطَلَّقَةِ، لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ عِنْدَهُ حَبْسَ الزَّوْجَةِ.
الثَّالِثَةُ: وُقُوعُ الطَّلَاقِ فِيمَا إِذَا نَوَى مُعَيَّنَةً يَحْصُلُ بِقَوْلِهِ: إِحْدَاكُمَا طَالِقٌ، وَيَحْتَسِبُ عِدَّةَ مَنْ بَيَّنَ الطَّلَاقَ فِيهَا مِنْ حِينِ اللَّفْظِ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ. وَحُكِيَ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ: أَنَّهَا مِنْ وَقْتِ الْبَيَانِ، قَالَ الْإِمَامُ: وَهَذَا غَيْرُ سَدِيدٍ.
أَمَّا إِذَا لَمْ يَنْوِ مُعَيَّنَةً، ثُمَّ عَيَّنَ، فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ مِنْ حِينِ قَالَ: إِحْدَاكُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute