للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طَالِقٌ، أَمْ مِنْ حِينِ التَّعْيِينِ؟ وَجْهَانِ، رَجَّحَتْ طَائِفَةٌ الثَّانِيَ، مِنْهُمُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ، وَرَجَّحَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالرُّويَانِيُّ وَآخَرُونَ الْأَوَّلَ. قَالُوا: وَلَوْلَا وُقُوعُ الطَّلَاقِ، لَمَا مُنِعَ مِنْهُمَا، وَهَذَا أَقْرَبُ.

قُلْتُ: هَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبُو حَامِدٍ وَمُوَافِقُوهُ، هُوَ الصَّوَابُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَإِنْ قُلْنَا: يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالتَّعْيِينِ، فَمِنْهُ الْعِدَّةُ، وَإِنْ قُلْنَا: بِاللَّفْظِ، فَهَلِ الْعِدَّةُ مِنْهُ، أَمْ مِنَ التَّعْيِينِ؟ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ، فِيمَا إِذَا نَوَى مُعَيَّنَةً. وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّ الرَّاجِحَ، احْتِسَابُ الْعِدَّةِ مِنَ التَّعْيِينِ كَيْفَ قُدِّرَ الْبِنَاءُ، هَذَا كُلُّهُ فِي حَيَاةِ الزَّوْجَيْنِ، وَسَنَذْكُرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنَّهُمَا إِذَا مَاتَتَا أَوْ إِحْدَاهُمَا تَبْقَى الْمُطَالَبَةُ بِالتَّعْيِينِ لِبَيَانِ حُكْمِ الْمِيرَاثِ، وَحِينَئِذٍ فَإِنْ أَوْقَعْنَا الطَّلَاقَ بِاللَّفْظِ، فَذَاكَ، وَإِنْ أَوْقَعْنَاهُ بِالتَّعْيِينِ، فَلَا سَبِيلَ إِلَى إِيقَاعِ طَلَاقٍ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَا بُدَّ مِنْ إِسْنَادِهِ لِلضَّرُورَةِ، وَإِلَى مَا يُسْنَدُ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ: إِلَى وَقْتِ اللَّفْظِ فَيَرْتَفِعُ الْخِلَافُ، وَأَرْجَحُهُمَا عِنْدَ الْغَزَالِيِّ: إِلَى قُبَيْلِ الْمَوْتِ.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: لَوْ وَطِئَ إِحْدَاهُمَا، نُظِرَ، إِنْ كَانَ نَوَى مُعَيَّنَةً، فَهِيَ الْمُطَلَّقَةُ، وَلَا يَكُونُ الْوَطْءُ بَيَانًا، بَلْ تَبْقَى الْمُطَالَبَةُ بِالْبَيَانِ، فَإِنْ بَيَّنَ الطَّلَاقَ فِي الْمَوْطُوءَةِ، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ إِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ لِجَهْلِهَا كَوْنَهَا الْمُطَلَّقَةَ، وَإِنْ بَيَّنَ فِي غَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ، قُبِلَ، فَإِنِ ادَّعَتِ الْمَوْطُوءَةُ أَنَّهُ أَرَادَهَا، حَلَفَ، فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ، طُلِّقَتَا وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ، وَلَا حَدَّ لِلشُّبْهَةِ.

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَوَى مُعَيَّنَةً، فَهَلْ يَكُونُ الْوَطْءُ تَعْيِينًا؟ وَجْهَانِ، وَيُقَالُ: قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، وَبِهِ قَالَ الْمُزَنِيُّ وَأَبُو إِسْحَاقَ وَأَبُو الْحَسَنِ الْمَاسَرْجِسِيُّ، وَرَجَّحَهُ ابْنُ كَجٍّ، وَالثَّانِي: لَا، وَبِهِ قَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَجَّحَهُ صَاحِبَا «الشَّامِلِ» وَ «التَّتِمَّةِ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>