للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلْتُ: هَذَا الثَّانِي، هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ فِي «الْمُحَرَّرِ» ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ. قَالَ فِي «الشَّامِلِ» : وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَإِنَّهُ قَالَ: إِذَا قَالَ: إِحْدَاكُمَا طَالِقٌ، مُنِعَ مِنْهُمَا، وَمَنْ يَقُولُ: الْوَطْءُ تَعْيِينٌ، لَا يَمْنَعُهُ وَطْءَ أَيِّهِمَا شَاءَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَإِنْ جَعَلْنَا الْوَطْءَ تَعْيِينًا لِلطَّلَاقِ، فَفِي كَوْنِ سَائِرِ الِاسْتِمْتَاعَاتِ تَعْيِينًا وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ فِي تَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ بِذَلِكَ، وَإِذَا جَعَلْنَا الْوَطْءَ تَعْيِينًا لِلطَّلَاقِ فِي الْأُخْرَى، فَلَا مَهْرَ لِلْمَوْطُوءَةِ وَلَا مُطَالَبَةَ، وَإِلَّا فَتُطَالِبُ بِالتَّعْيِينِ، فَإِنْ عَيَّنَ الطَّلَاقَ فِي الْمَوْطُوءَةِ، فَلَهَا الْمَهْرُ إِنْ قُلْنَا: يَقَعُ الطَّلَاقُ بِاللَّفْظِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالتَّعْيِينِ، فَحَكَى الْفُورَانِيُّ أَنَّهُ لَا مَهْرَ، وَذَكَرَ فِيهِ احْتِمَالًا، وَذَكَرَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّ الْوَطْءَ تَعْيِينٌ: أَنَّ الزَّوْجَ لَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ أَيِّهِمَا شَاءَ، وَإِنَّمَا يُمْنَعُ مِنْهُمَا إِذَا لَمْ يَجْعَلِ الْوَطْءَ تَعْيِينًا، وَلَمَّا أَطْلَقَ الْجُمْهُورُ الْمَنْعَ مِنْهُمَا جَمِيعًا، أَشْعَرَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَهُمْ، أَنَّهُ لَيْسَ بِتَعْيِينٍ.

الْخَامِسَةُ: فِي أَلْفَاظِ الْبَيَانِ وَالتَّعْيِينِ، فَإِنْ نَوَى مُعَيَّنَةً، حَصَلَ الْبَيَانُ بِأَنْ يَقُولَ مُشِيرًا إِلَى وَاحِدَةٍ: الْمُطَلَّقَةُ هَذِهِ، وَلَوْ قَالَ: الزَّوْجَةُ هَذِهِ، بِأَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْأُخْرَى، وَكَذَا لَوْ قَالَ: لَمْ أُطَلِّقْ هَذِهِ.

وَلَوْ قَالَ: أَرَدْتُ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ، أَوْ قَالَ: هَذِهِ وَهَذِهِ، أَوْ هَذِهِ هَذِهِ، وَأَشَارَ إِلَيْهِمَا، أَوْ هَذِهِ مَعَ هَذِهِ، طُلِّقَتَا، قَالَ الْإِمَامُ: وَهَذَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِظَاهِرِ الْحُكْمِ، فَأَمَّا فِي الْبَاطِنِ، فَالْمُطَلَّقَةُ هِيَ الْمَنَوِيَّةُ فَقَطْ، حَتَّى لَوْ قَالَ: إِحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَنَوَاهُمَا، فَالْوَجْهُ عِنْدَنَا أَنَّهُمَا لَا تُطَلَّقَانِ، وَلَا يَجِيءُ فِيهِ الْخِلَافُ فِي قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً، وَنَوَى ثَلَاثًا، لِأَنَّ حَمْلَ إِحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ عَلَيْهِمَا لَا وَجْهَ لَهُ، وَهُنَاكَ يَتَطَرَّقُ إِلَى الْكَلَامِ تَأْوِيلٌ.

وَلَوْ قَالَ: أَرَدْتُ هَذِهِ ثُمَّ هَذِهِ، أَوْ هَذِهِ فَهَذِهِ، قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَصَاحِبَاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>