الْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيُّ: تُطَلَّقُ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ لِاقْتِضَاءِ الْحَرْفَيْنِ التَّرْتِيبَ. وَحَكَى الْإِمَامُ هَذَا عَنِ الْقَاضِي، وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ أَيْضًا، فَلْيَكُنْ كَقَوْلِهِ: هَذِهِ وَهَذِهِ، وَالْحَقُّ هُوَ الِاعْتِرَاضُ.
قُلْتُ: قَوْلُ الْقَاضِي أَظْهَرُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ قَالَ: أَرَدْتُ هَذِهِ بَعْدَ هَذِهِ، فَقِيَاسُ الْأَوَّلِ أَنْ تُطَلَّقَ الْمُشَارُ إِلَيْهَا بَائِنًا وَحْدَهَا. وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ قَبْلَ هَذِهِ، أَوْ بَعْدَهَا هَذِهِ، فَقِيَاسُ الْأَوَّلِ أَنْ تُطَلَّقَ الْمُشَارُ إِلَيْهَا أَوَّلًا وَحْدَهَا، وَقِيَاسُ الِاعْتِرَاضِ، الْحُكْمُ بِطَلَاقِهِمَا فِي الصُّورَةِ، وَلَوْ قَالَ: أَرَدْتُ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ، اسْتَمَرَّ الْإِبْهَامُ وَالْمُطَالَبَةُ بِالْبَيَانِ.
وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ أَرْبَعٌ، فَقَالَ: إِحْدَاكُنَّ طَالِقٌ، وَنَوَى وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا، ثُمَّ قَالَ: أَرَدْتُ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ، طُلِّقْنَ جَمِيعًا، وَكَذَا لَوْ عَطَفَ
[بِالْوَاوِ فَلَوْ عَطَفَ] بِالْفَاءِ أَوْ بِثُمَّ، عَادَ قَوْلُ الْقَاضِي وَالِاعْتِرَاضُ.
وَلَوْ قَالَ وَهُنَّ ثَلَاثٌ: أَرَدْتُ أَوْ طَلَّقْتُ هَذِهِ، بَلْ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ، طُلِّقَتِ الْأُولَى وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ، وَيُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ. وَإِنْ قَالَ: هَذِهِ أَوْ هَذِهِ، بَلْ هَذِهِ، طُلِّقَتِ الْأَخِيرَةُ وَإِحْدَى الْأُولَيَيْنِ، وَيُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ. وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ، نُظِرَ إِنْ فَصَلَ الثَّالِثَةَ عَنِ الْأُولَيَيْنِ بِوَقْفَةٍ أَوْ بِنَغَمَةٍ، أَوْ أَدَاءٍ، فَالطَّلَاقُ مُرَدَّدٌ بَيْنَ الْأُولَيَيْنِ وَبَيْنَ الثَّالِثَةِ وَحْدَهَا، وَعَلَيْهِ الْبَيَانُ، فَإِنْ بَيَّنَ فِي الثَّالِثَةِ، طُلِّقَتْ وَحْدَهَا، وَإِنْ بَيَّنَ فِي الْأُولَيَيْنِ أَوْ إِحْدَاهُمَا، طُلِّقَتَا، لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِالْوَاوِ الْعَاطِفَةِ، فَلَا يَفْتَرِقَانِ.
وَإِنْ فَصَلَ الثَّانِيَةَ عَنِ الْأُولَى، تَرَدَّدَ الطَّلَاقُ بَيْنَ الْأُولَى وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute