الْبِلَادِ، لَمْ يَبْعُدْ أَنْ يَكُونَ الْإِصْغَاءُ إِلَى كَلَامِهِمَا عَلَى ذَلِكَ التَّفْصِيلِ، فَإِنْ قَبِلُوا قَضَوْا يَوْمًا. وَإِنْ لَمْ نُعَمِّمِ الْحُكْمَ، لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَى قَوْلِهِمَا. وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ، فَأَصْبَحَ صَائِمًا، فَسَارَتْ بِهِ السَّفِينَةُ إِلَى قَوْمٍ عَيَّدُوا، فَإِنْ عَمَّمْنَا الْحُكْمَ، وَقُلْنَا: لَهُ حُكْمُ الْمُنْتَقَلِ إِلَيْهِ، أَفْطَرَ، وَإِلَّا، لَمْ يُفْطِرْ. وَإِذَا أَفْطَرَ، قَضَى يَوْمًا، إِذْ لَمْ يَصُمْ إِلَّا ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا.
فَرْعٌ
إِذَا رَأَى الْهِلَالَ بِالنَّهَارِ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ، فَهُوَ لِلَّيْلَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ، سَوَاءً كَانَ قَبْلَ الزَّوَالِ، أَوْ بَعْدَهُ.
فَصْلٌ
لَا يَصِحُّ الصَّوْمُ إِلَّا بِالنِّيَّةِ، وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ. وَلَا يُشْتَرَطُ النُّطْقُ بِلَا خِلَافٍ. وَتَجِبُ النِّيَّةُ لِكُلِّ يَوْمٍ. فَلَوْ نَوَى صَوْمَ الشَّهْرِ كُلِّهِ، فَهَلْ يَصِحُّ صَوْمُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ بِهَذِهِ النِّيَّةِ؟ الْمَذْهَبُ: أَنَّهُ يَصِحُّ، وَبِهِ قَطَعَ ابْنُ عَبْدَانَ، وَتَرَدَّدَ فِيهِ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ.
وَيَجِبُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ فِي صَوْمِ الْفَرْضِ، سَوَاءٌ فِيهِ صَوْمُ رَمَضَانَ، وَالنَّذْرُ، وَالْكَفَّارَةُ، وَغَيْرُهَا. وَلَنَا وَجْهٌ حَكَاهُ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ عَنِ الْحَلِيمِيِّ: أَنَّهُ يَصِحُّ صَوْمُ رَمَضَانَ بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ، وَهُوَ شَاذٌّ.
وَكَمَالُ النِّيَّةِ فِي رَمَضَانَ: أَنْ يَنْوِيَ صَوْمَ غَدٍ عَنْ أَدَاءِ فَرْضِ رَمَضَانَ هَذِهِ السَّنَةِ لِلَّهِ تَعَالَى. فَأَمَّا الصَّوْمُ وَكَوْنُهُ عَنْ رَمَضَانَ، فَلَا بُدَّ مِنْهُمَا بِلَا خِلَافٍ، إِلَّا وَجْهَ الْحَلِيمِيِّ. وَأَمَّا الْأَدَاءُ وَالْفَرْضِيَّةُ وَالْإِضَافَةُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَفِيهَا الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الصَّلَاةِ.
وَأَمَّا رَمَضَانُ هَذِهِ السَّنَةِ، فَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ.
وَحَكَى الْإِمَامُ فِي «اشْتِرَاطِهِ» وَجْهًا وَزَيَّفَهُ، وَحَكَى صَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» وَجْهَيْنِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute