فِيمَا رَجَعَ عَنْهُ، فَعَلَى الْأَوَّلِ رُبُعُ الْمِائَةِ، وَعَلَى الثَّانِي خَمْسُونَ، وَعَلَى الثَّالِثِ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ، وَعَلَى الرَّابِعِ مِائَةٌ.
فَصْلٌ
إِذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ، ثُمَّ بَانَ كَوْنُهُمَا كَافِرَيْنِ، أَوْ عَبْدَيْنِ، أَوْ صَبِيَّيْنِ، فَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ يُنْقَضُ حُكْمُهُ، وَكَذَا لَوْ بَانَا فَاسِقَيْنِ عَلَى الْأَظْهَرِ، قَالَ الْإِمَامُ: وَمَعْنَى نَقْضِهِ أَنَّا نَتَبَيَّنُ الْأَمْرَ عَلَى خِلَافِ مَا ظَنَّهُ وَحَكَمَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ طَلَاقًا أَوْ عِتْقًا أَوْ عَقْدًا فَقَدْ بَانَ أَنَّهُ لَا طَلَاقٌ وَلَا عِتْقٌ وَلَا عَقْدٌ، فَإِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ مَاتَتْ، فَقَدْ مَاتَتْ وَهِيَ زَوْجَتُهُ، وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ مَاتَ وَهُوَ رَقِيقٌ لَهُ، وَيَجِبُ ضَمَانُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ قَتْلًا أَوْ قَطْعًا أَوْ حَدًّا اسْتَوْفَى وَتَعَذَّرَ التَّدَارُكُ، فَضَمَانُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاضِي عَلَى الْأَظْهَرِ، وَفِي بَيْتِ الْمَالِ عَلَى قَوْلٍ كَمَا سَبَقَ فِي ضَمَانِ الْوُلَاةِ.
وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِالْقَاضِي، لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ التَّامِّ عَلَى حَالِ الشُّهُودِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمَشْهُودِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: اسْتَوْفَيْتُ حَقِّي، وَلَا عَلَى الشُّهُودِ، لِأَنَّهُمْ ثَابِتُونَ عَلَى شَهَادَتِهِمْ زَاعِمُونَ صِدْقَهُمْ بِخِلَافِ الرَّاجِعِينَ.
وَإِذَا غَرِمَتِ الْعَاقِلَةُ أَوْ بَيْتُ الْمَالِ، فَهَلْ يَثْبُتُ الرُّجُوعُ عَلَى الشُّهُودِ؟ فِيهِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ سَبَقَ فِي بَابِ ضَمَانِ الْوُلَاةِ، وَالَّذِي قَطَعَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ، وَقَالُوا: وَكَذَا لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُزَكِّينَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ غَيْرُ مَبْنِيٍّ عَلَى شَهَادَتِهِمْ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو حَامِدٍ: يَرْجِعُ الْغَارِمُ عَلَى الْمُزَكِّينَ، وَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِمُ الضَّمَانُ بِخِلَافِ الشُّهُودِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى خِلَافِ قَوْلِ الْمُزَكِّينَ، وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ خِلَافُ قَوْلِ الشُّهُودِ، وَإِلَى هَذَا مَالَ الْقَاضِيَانِ أَبُو الطَّيِّبِ وَالرُّويَانِيُّ، وَمَفْهُومُ مَا ذَكَرُوهُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَغْرِيمُ الْمُزَكِّينَ أَوَّلًا، ثُمَّ لَا رُجُوعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute