الْأَصَحِّ، وَلَوِ اشْتَرَى الْحِرْزَ، وَسَرَقَ مِنْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ مَالَ الْبَائِعِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَدَّى الثَّمَنَ، قُطِعَ، وَإِلَّا فَلَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ غَصَبَ مَالًا، أَوْ سَرَقَهُ وَوَضَعَهُ فِي حِرْزِهِ، فَجَاءَ مَالِكُ الْمَالِ وَسَرَقَ مِنْ ذَلِكَ الْحِرْزِ مَالًا لِلْغَاصِبِ، فَلَا قَطْعَ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ لَهُ دُخُولُ الْحِرْزِ وَهَتْكُهُ لِأَخْذِ مَالِهِ، وَخَصَّصَ جَمَاعَةٌ الْوَجْهَيْنِ بِمَا إِذَا كَانَ مَالُ الْغَاصِبِ مُتَمَيِّزًا لَا عَنْ مَالِهِ، سَوَاءٌ أَخَذَهُ وَحْدَهُ أَمْ مَعَ مَالِ نَفْسِهِ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ مَخْلُوطًا بِهِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ أَحَدُهُمَا، فَلَا قَطْعَ قَطْعًا، وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ لَا يُقْطَعُ بِهِ الشَّرِيكُ، وَلَوْ سَرَقَ أَجْنَبِيٌّ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ أَوِ الْمَسْرُوقَ، لَمْ يُقْطَعْ عَلَى الْأَصَحِّ.
فَصْلٌ
سَرَقَ طَعَامًا فِي عَامِ الْقَحْطِ وَالْمَجَاعَةِ، فَإِنْ كَانَ يُوجَدُ عَزِيزًا بِثَمَنٍ غَالٍ، قُطِعَ، وَإِنْ كَانَ لَا يُوجَدُ وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَلَا قَطْعَ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا جَاءَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَا قَطْعَ فِي عَامِ الْمَجَاعَةِ.
الرُّكْنُ الثَّانِي: نَفْسُ السَّرِقَةِ، وَهِيَ أَخْذُ الْمَالِ عَلَى وَجْهِ الْخَفِيَّةِ، فَلَا قَطْعَ عَلَى مَنْ أَخَذَ عِيَانًا، كَالْمُخْتَلِسِ وَالْمُنْتَهِبِ، فَالْمُخْتَلِسُ: هُوَ مَنْ يَعْتَمِدُ الْهَرَبَ، وَالْمُنْتَهِبُ: الَّذِي يَعْتَمِدُ الْقُوَّةَ وَالْغَلَبَةَ، وَلَا يُقْطَعُ الْمُودَعُ إِذَا جَحَدَ، وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَطْرَافٍ: الْأَوَّلُ فِي إِبْطَالِ الْحِرْزِ، وَقَدْ يَكُونُ بِالنَّقْبِ وَفَتْحِ الْبَابِ، وَقَدْ يَكُونُ بِتَغْيِيبِهِ عَنْ نَظَرِ الْمُلَاحِظِ، وَفِيهِ صُوَرٌ: الْأُولَى: إِذَا نَقَّبَ، ثُمَّ عَادَ وَأَخْرَجَ نِصَابًا فِي لَيْلَةٍ أُخْرَى، فَإِنْ عَلِمَ صَاحِبُ الْحِرْزِ بِالنَّقْبِ، أَوْ كَانَ ظَاهِرًا يَرَاهُ الطَّارِقُونَ، وَبَقِيَ كَذَلِكَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute