فَصْلٌ
فِي بَيَانِ مَا يَسْتَحِقُّهُ كُلُّ وَارِثٍ مِنَ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِمْ
وَنُقَدِّمُ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ لَهُ سَهْمٌ مُقَدَّرٌ فِي الْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ، فَهُوَ صَاحِبُ فَرْضٍ. وَمَنْ وَرِثَ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا فَرْضَ لَهُ، فَهُوَ عَصَبَةٌ. وَقَوْلُنَا: بِالْإِجْمَاعِ، احْتِرَازٌ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ، فَإِنَّ مَنْ وَرَّثَهُمْ لَا يُسَمِّيهِمْ عَصَبَةً. وَأَصْحَابُ الْفُرُوضِ قِسْمَانِ: مِنْهُمْ مَنْ لَا يَرِثُ إِلَّا بِالْفَرْضِيَّةِ، وَهُمُ: الزَّوْجَانِ، وَالْأُمُّ، وَالْجَدَّةُ، وَوَلَدُ الْأُمِّ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ أَيْضًا. ثُمَّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ لَا يَجْمَعُ الْجِهَتَيْنِ دُفْعَةً، بَلْ يَرِثُ إِمَّا بِهَذِهِ، وَإِمَّا بِهَذِهِ، وَهُمُ الْبَنَاتُ، وَبَنَاتُ الِابْنِ، وَالْأَخَوَاتُ لِلْأَبَوَيْنِ، وَالْأَخَوَاتُ لِلْأَبِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَرِثُ بِهِمَا جَمْعًا وَانْفِرَادًا، وَهُمَا: الْأَبُ، وَالْجَدُّ.
أَمَّا الْعَصَبَةُ، فَضَرْبَانِ:
عَصَبَةٌ بِنَفْسِهِ وَهُوَ كُلُّ ذَكَرٍ يُدْلِي إِلَى الْمَيِّتِ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ، أَوْ بِتَوَسُّطِ مَحْضِ الذُّكُورِ، وَهَؤُلَاءِ يَأْخُذُ الْمُنْفَرِدُ مِنْهُمْ جَمِيعَ الْمَالِ وَالْبَاقِيَ بَعْدَ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ، وَرُبَّمَا سَقَطُوا.
قُلْتُ: هَذَا الَّذِي قَالَهُ فِي حَدِّ الْعَصَبَةِ، غَيْرُ مُطَّرِدٍ وَلَا مُنْعَكِسٍ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي دُخُولَ الزَّوْجِ - فَإِنَّ الْغَزَالِيَّ وَغَيْرَهُ عَدُّوهُ مِمَّنْ يُدْلِي بِنَفْسِهِ - وَخُرُوجَ الْمُعْتِقَةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: هُوَ كُلُّ مُعْتِقٍ وَذَكَرٍ نَسِيبٍ يُدْلِي إِلَى آخِرِهِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَعَصَبَةٌ بِغَيْرِهِ، وَهُمُ الْبَنَاتُ، وَبَنَاتُ الِابْنِ وَالْأَخَوَاتُ لِلْأَبَوَيْنِ وَلِلْأَبِ، فَيَتَعَصَّبْنَ بِإِخْوَتِهِنَّ، وَيَتَعَصَّبُ الْأَخَوَاتُ مِنَ الْجِهَتَيْنِ بِالْبَنَاتِ وَبِبَنَاتِ الِابْنِ.
وَقَدْ يُقَالُ: الْعَصَبَةُ ثَلَاثَةٌ: عَصَبَةٌ بِنَفْسِهِ، وَبِغَيْرِهِ، وَمَعَ غَيْرِهِ، عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ. أَمَّا قَدْرُ الْمُسْتَحَقِّ، فَلِلزَّوْجِ نِصْفُ الْمَالِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتَةِ وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ ابْنٍ، وَرُبُعُهُ إِنْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ ابْنٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ. وَلِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ إِذَا لَمْ يَكُنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute