الْحَدِّ؟ وَبُنِيَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ إِنْ عَاشَ هَلْ يُعَادُ الْحَدُّ، وَإِنْ مَاتَ هَلْ يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الضَّارِبِ؟
فَصْلٌ
إِذَا نَظَرَ إِلَى حُرْمَةِ إِنْسَانٍ فِي دَارِهِ مِنْ كُوَّةٍ، أَوْ ثُقْبٍ، أَوْ شَقِّ بَابٍ، فَنَهَاهُ صَاحِبُ الدَّارِ، فَلَمْ يَنْتَهِ، فَرَمَاهُ بِحَصَاةٍ وَنَحْوِهَا، فَأَصَابَ عَيْنَهُ فَأَعْمَاهُ، أَوْ أَصَابَ قَرِيبًا مِنْ عَيْنِهِ فَجَرَحَهُ، فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ سَرَى إِلَى النَّفْسِ لَمْ يَضْمَنْ، قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَوْ ثَبَتَ الْمُطَّلِعُ، وَلَمْ يَنْدَفِعْ بَعْدَ رَمْيِهِ بِالشَّيْءِ الْخَفِيفِ، اسْتَغَاثَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الدَّارِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَوْضِعِ غَوْثٍ، قَالَ: أَحْبَبْتُ أَنْ يَنْشُدَهُ بِاللَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ، فَلَهُ ضَرْبُهُ بِالسِّلَاحِ وَيَنَالَهُ بِمَا يَرْدَعُهُ، فَإِنْ أَتَى عَلَى نَفْسِهِ، فَلَا ضَمَانَ، وَلَوْ لَمْ يَنَلْ مِنْهُ صَاحِبُ الدَّارِ، عَاقَبَهُ السُّلْطَانُ، وَسَوَاءٌ كَانَ وُقُوفُ النَّاظِرِ فِي الشَّارِعِ أَوْ فِي سِكَّةٍ مُنْسَدَّةِ الْأَسْفَلِ، أَوْ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ، إِذْ لَيْسَ لِلْوَاقِفِ فِي مِلْكِهِ مَدُّ النَّظَرِ إِلَى حُرَمِ النَّاسِ، وَعَنِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَجْهٌ ضَعِيفٌ: أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قَصْدُ عَيْنِهِ إِذَا وَقَفَ فِي الشَّارِعِ، أَوْ مِلْكُ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا يَقْصِدُهُ إِذَا وَقَفَ فِي مِلْكِ الْمَنْظُورِ إِلَيْهِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، ثُمَّ إِنَّمَا يَرْمِي عَيْنَهُ إِذَا قَصَدَ النَّظَرَ وَالتَّطَلُّعَ، أَمَّا إِذَا كَانَ مُخْطِئًا، أَوْ وَقَعَ بَصَرُهُ اتِّفَاقًا، وَعَلِمَ صَاحِبُ الدَّارِ الْحَالَ، فَلَا يَرْمِيهِ، فَلَوْ رَمَاهُ، وَقَالَ النَّاظِرُ: لَمْ أَكُنْ قَاصِدًا، أَوْ لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى شَيْءٍ، فَلَا شَيْءَ عَلَى الرَّامِي؛ لِأَنَّ الِاطِّلَاعَ حَاصِلٌ، وَقَصْدُهُ أَمْرٌ بَاطِنٌ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ، وَهَذَا ذِهَابٌ إِلَى جَوَازِ الرَّمْيِ مِنْ غَيْرِ تَحَقُّقِ قَصْدِهِ، وَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَرْمِي حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْحَالَ، وَهُوَ حَسَنٌ.
فَرْعٌ
هَلْ يَجُوزُ رَمْيُهُ قَبْلَ إِنْذَارِهِ؟ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا يُحْكَى عَنِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْقَاضِي حُسَيْنٍ: لَا، بَلْ يُنْذِرُهُ وَيَزْجُرُهُ وَيَأْمُرُهُ بِالِانْصِرَافِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute