فِي الذِّمَّةِ، وَذَكَرَهُ صَاحِبُ «التَّلْخِيصِ» وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا سَبَقَ فِي الْحَجْرِ فِي إِقْرَاضِ مَالِ الصَّبِيِّ. وَأَمَّا مَا لَا يَتَعَيَّنُ لَهُ مَالِكٌ، وَحَصَلَ الْيَأْسُ مِنْ مَعْرِفَتِهِ، فَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ، وَيَصْرِفَ ثَمَنَهُ إِلَى الْمَصَالِحِ، وَأَنَّ لَهُ حِفْظَهُ.
قُلْتُ: هَذَا الْمَحْكِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ مُتَعَيَّنٌ، وَقَدْ قَالَهُ جَمَاعَةٌ، وَلَا نَعْرِفُ خِلَافَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ
كِتَابُ قَاضِي الْبُغَاةِ مَقْبُولٌ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَعَنِ الْقَدِيمِ مَنْعُهُ، أَطْلَقَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَكْتُبَ كِتَابًا فِي غَيْرِ مُحَلِّ وِلَايَتِهِ، وَالَّذِي يَسْتَمِرُّ عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَاصِّ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ وَلَا يُشْهِرُ فِي غَيْرِ مُحَلِّ وِلَايَتِهِ، وَأَمَّا الْكِتَابُ، فَلَا بَأْسَ بِهِ. وَلَوْ حَكَمَ الْقَاضِي بِبَيِّنَةٍ أَقَامَهَا وَكِيلُ رَجُلٍ فِي وَجْهِ وَكِيلٍ آخَرَ، فَحَضَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: كُنْتُ عَزَلْتُ وَكِيلِي قَبْلَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ، لَمْ يَنْفَعْهُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ جَائِزٌ. وَلَوْ حَضَرَ الْمُدَّعِي، وَقَالَ: كُنْتُ عَزَلْتُ وَكِيلِي، وَقُلْنَا بِانْعِزَالِ الْوَكِيلِ قَبْلَ بُلُوغِ الْخَبَرِ، لَمْ يَصِحَّ الْحُكْمُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ لِلْغَائِبِ بَاطِلٌ.
وَإِذَا أَرَادَ شُهُودَ كِتَابٍ، حُكْمِي التَّخَلُّفُ فِي الطَّرِيقِ فِي مَوْضِعٍ فِيهِ قَاضٍ وَشُهُودٌ، فَصَاحِبُ الْكِتَابِ إِمَّا أَنْ يُشْهِدَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاهِدَيْنِ يَحْضُرَانِ مَعَهُ وَيَشْهَدَانِ عِنْدَ الْقَاضِي الَّذِي يَقْصِدُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَعْرِضَ الْكِتَابَ عَلَى قَاضِي الْبَلَدِ الَّذِي يَتَخَلَّفُونَ فِيهِ، لِيَشْهَدُوا عِنْدَهُ بِهِ، فَيَضْمَنَهُ، وَيَكْتُبَ بِهِ إِلَى الْقَاضِي الَّذِي يَقْصِدَهُ.
وَإِنْ كَانَ التَّخَلُّفُ حَيْثُ لَا قَاضٍ وَلَا شُهُودٌ، قَالَ الْبَغَوِيُّ: لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ، بَلْ عَلَيْهِمُ الْخُرُوجُ إِلَى مَوْضِعٍ فِيهِ قَاضٍ وَشُهُودٌ، فَإِنْ طَلَبُوا أُجْرَةَ الْخُرُوجِ إِلَيْهِ، فَلَيْسَ لَهُمْ إِلَّا نَفَقَتُهُمْ، وَكَذَا دَوَابُّهُمْ بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَبُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute