لِتَعَلُّقِ النَّذْرِ بِعَيْنِهِ. أَمَّا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ، فَلَيْسَ جِنْسُ الِاعْتِكَافِ وَاجِبًا بِالشَّرْعِ، وَقَدْ سَبَقَ فِي بَابِهِ وَجْهَانِ فِي أَنَّهُ هَلْ يُشْتَرَطُ اللَّبْثُ، أَمْ يَكْفِي الْمُرُورُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ النِّيَّةِ؟ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. فَعَلَى هَذَا لَا بُدَّ مِنْ لَبْثٍ، وَيُخْرِجُ عَنِ النَّذْرِ بِلَبْثِ سَاعَةٍ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَمْكُثَ يَوْمًا. وَإِنِ اكْتَفَيْنَا بِالْمُرُورِ، فَلِلْإِمَامِ فِيهِ احْتِمَالَانِ.
أَحَدُهُمَا: يُشْتَرَطُ لَبْثٌ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الِاعْتِكَافِ يُشْعِرُ بِهِ. وَالثَّانِي: لَا، حَمْلًا لَهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ شَرْعًا.
فَصْلٌ
إِذَا لَزِمَهُ صَوْمُ يَوْمٍ بِالنَّذْرِ، اسْتُحِبَّ الْمُبَادَرَةُ بِهِ، وَلَا تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ، بَلْ يُخْرِجُ عَنْ نَذْرِهِ بِأَيِّ يَوْمٍ كَانَ مِمَّا يَقْبَلُ الصَّوْمَ، غَيْرَ رَمَضَانَ. وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ خَمِيسٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ، صَامَ أَيَّ خَمِيسٍ شَاءَ. فَإِذَا مَضَى خَمِيسٌ وَلَمْ يَصُمْهُ، اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّتِهِ، حَتَّى لَوْ مَاتَ قَبْلَ الصَّوْمِ، فُدِيَ عَنْهُ. وَلَوْ عَيَّنَ فِي نَذْرِهِ يَوْمًا كَأَوَّلِ خَمِيسٍ مِنَ الشَّهْرِ، أَوْ خَمِيسِ هَذَا الْأُسْبُوعِ، تَعَيَّنَ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، فَلَا يَجُوزُ الصَّوْمُ قَبْلَهُ، وَإِذَا تَأَخَّرَ عَنْهُ، صَارَ قَضَاءً، فَإِنْ أَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ، أَثِمَ، وَإِنْ أَخَّرَ بِعُذْرِ سَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ، لَمْ يَأْثَمْ. وَقَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ وَغَيْرُهُ: فِيهِ وَجْهَانِ. وَالثَّانِي مِنْهُمَا: لَا يَتَعَيَّنُ، كَمَا لَوْ عَيَّنَ مَكَانًا، فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ الصَّوْمُ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ. وَلَوْ عَيَّنَ يَوْمًا مِنْ أُسْبُوعٍ، وَالْتَبَسَ عَلَيْهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُ آخِرُ الْأُسْبُوعِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْمُعَيَّنَ، أَجْزَأَهُ وَكَانَ قَضَاءً. وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ مُطْلَقٍ مِنَ الْأُسْبُوعِ الْمُعَيَّنِ، صَامَ مِنْهُ أَيَّ يَوْمٍ كَانَ.
فَرْعٌ:
الْيَوْمُ الْمُعَيَّنُ بِالنَّذْرِ وَإِنْ عَيَّنَّاهُ، لَا يَثْبُتُ لَهُ خَوَاصُّ رَمَضَانَ مِنَ الْكَفَّارَةِ بِالْفِطْرِ بِالْجِمَاعِ فِيهِ، وَوُجُوبِ الْإِمْسَاكِ لَوْ أَفْطَرَ فِيهِ، وَعَدَمِ قَبُولِ صَوْمٍ آخَرَ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute