بَلْ يُعْتَبَرُ عُرْفُ النَّاسِ. وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الرَّهْنِ وَافِيًا بِالثَّمَنِ، فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ، بَطَلَ الْبَيْعُ، وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُشْهِدَ عَلَيْهِ، فَإِنْ تَرَكَ الْإِشْهَادَ، فَفِي بُطْلَانِ الْبَيْعِ وَجْهَانِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمِنْهَا أَنْ يُقْرِضَ مَالَهُ أَوْ يَبِيعَهُ لِضَرُورَةِ نَهْبٍ، وَيَرْتَهِنَ بِهِ، قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ: وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَرْتَهِنَ إِذَا خِيفَ تَلَفُ الْمَرْهُونِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ وَيَرْفَعُهُ إِلَى حَاكِمٍ يَرَى سُقُوطَ الدَّيْنِ بِتَلَفِ الرَّهْنِ، وَحَيْثُ جَازَ الرَّهْنُ، فَشَرْطُهُ أَنْ يُرْهَنَ عِنْدَ أَمِينٍ يَجُوزُ إِيدَاعُهُ. وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا، أَوْ جَدًّا، أَوْ وَصِيًّا، أَوْ حَاكِمًا، أَوْ أَمِينَهُ. لَكِنْ حَيْثُ جَازَ الرَّهْنُ أَوِ الِارْتِهَانُ، جَازَ لِلْأَبِ وَالْجَدِّ أَنْ يُعَامِلَا بِهِ أَنْفُسَهُمَا، وَيَتَوَلَّيَا الطَّرَفَيْنِ، وَلَيْسَ لِغَيْرِهِمَا ذَلِكَ، وَإِذَا تَوَلَّى الْأَبُ الطَّرَفَيْنِ، فَقَبْضُهُ وَإِقْبَاضُهُ سَنَذْكُرُهُمَا قَرِيبًا فِي رَهْنِ الْوَدِيعَةِ عِنْدَ الْمُودِعِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَصْلٌ
رَهْنُ الْمُكَاتَبِ وَارْتِهَانُهُ، جَائِزَانِ بِشَرْطِ الْمَصْلَحَةِ وَالِاحْتِيَاطِ، كَمَا ذَكَرْنَا فِي الصَّبِيِّ. وَتَفْصِيلُ صُوَرِ الِارْتِهَانِ، كَمَا سَبَقَ فِي الصَّبِيِّ. وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالرَّهْنِ، وَبِإِذْنِ السَّيِّدِ قَوْلَانِ، تَنْزِيلًا لِرَهْنِهِ مَنْزِلَةَ تَبَرُّعِهِ. وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ اسْتِقْلَالُهُ بِالْبَيْعِ نَسِيئَةً بِحَالٍ، وَبِإِذْنِ السَّيِّدِ الْقَوْلَانِ.
الْمَأْذُونُ إِذَا دَفَعَ إِلَيْهِ سَيِّدُهُ مَالًا لِيَتَّجِرَ فِيهِ، فَهُوَ كَالْمُكَاتَبِ إِلَّا فِي شَيْئَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّ رَهْنَهُ أَوْلَى بِالْمَنْعِ، لِكَوْنِ الرَّهْنِ لَيْسَ مِنْ عَقْدِ التِّجَارَةِ. وَالثَّانِي: لَهُ الْبَيْعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute