فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ وَآدَابِهِ
فَأَمَّا الشُّرُوطُ، فَسَبْعَةٌ: أَحَدُهَا: أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ الْمَأْمُومُ عَلَى الْإِمَامِ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ. فَإِنْ تَقَدَّمَ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ عَلَى الْجَدِيدِ الْأَظْهَرِ. وَلَوْ تَقَدَّمَ فِي خِلَالِهَا بَطَلَتْ. وَالْقَدِيمُ: أَنَّهَا تَنْعَقِدُ. وَالْمُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْ مَوْقِفِ الْإِمَامِ قَلِيلًا إِنْ كَانَ وَحْدَهُ. فَإِنِ ائْتَمَّ اثْنَانِ فَصَاعِدًا، اصْطَفُّوا خَلْفَهُ. وَلَوْ تَسَاوَى الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ، صَحَّتْ صَلَاتُهُ. وَالِاعْتِبَارُ فِي التَّقَدُّمِ وَالْمُسَاوَاةِ بِالْعَقِبِ، فَلَوِ اسْتَوَيَا فِي الْعَقِبِ، وَتَقَدَّمَتْ أَصَابِعُ الْمَأْمُومِ، لَمْ يَضُرَّ. وَإِنْ تَأَخَّرَتْ أَصَابِعُ الْمَأْمُومِ عَنْ أَصَابِعِ الْإِمَامِ، وَتَقَدَّمَ عَقِبُهُ، فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ. وَقِيلَ: تَصِحُّ قَطْعًا. وَفِي الْوَسِيطِ: أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْكَعْبِ. وَالصَّحِيحُ: الْأَوَّلُ. هَذَا فِيمَنْ بَعُدَ عَنِ الْكَعْبَةِ. فَإِنْ صَلُّوا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَ الْإِمَامُ خَلْفَ الْمَقَامِ، وَيَقِفَ النَّاسُ مُسْتَدِيرِينَ بِالْكَعْبَةِ، فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَقْرَبَ إِلَيْهَا، نُظِرَ: إِنْ كَانَ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْجِهَةِ الَّتِي تَوَجَّهَ إِلَيْهَا الْإِمَامُ، فَفِيهِ الْقَوْلَانِ؛ الْقَدِيمُ وَالْجَدِيدُ، وَإِنْ كَانَ مُتَوَجِّهًا إِلَى غَيْرِهَا، فَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ قَطْعًا. وَقِيلَ: عَلَى الْقَوْلَيْنِ. وَلَوْ وَقَفَ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ دَاخِلَ الْكَعْبَةِ، فَإِنْ كَانَ وَجْهُ الْمَأْمُومِ إِلَى ظَهْرِ الْإِمَامِ، أَوْ وَجْهُهُ إِلَى وَجْهِهِ، أَوْ ظَهْرُهُ إِلَى ظَهْرِهِ، وَلَيْسَ الْمَأْمُومُ أَقْرَبَ إِلَى الْجِدَارِ، صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ، وَكَذَا إِنْ كَانَ أَقْرَبَ إِلَى الْجِدَارِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: عَلَى الْقَوْلَيْنِ. وَإِنْ كَانَ ظَهْرُهُ إِلَى وَجْهِ الْإِمَامِ فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ. وَلَوْ وَقَفَ الْإِمَامُ فِي الْكَعْبَةِ، وَالْمَأْمُومُ خَارِجَهَا جَازَ، وَلَهُ التَّوَجُّهُ إِلَى أَيِّ جِهَةٍ شَاءَ وَلَوْ وَقَفَا بِالْعَكْسِ، جَازَ أَيْضًا، لَكِنْ إِنْ تَوَجَّهَ إِلَى الْجِهَةِ الَّتِي تَوَجَّهَ إِلَيْهَا الْإِمَامُ، عَادَ الْقَوْلَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute