فَصْلٌ
إِذَا وَقَفَ وَقْفًا مُنْقَطِعَ الْآخِرِ، بِأَنْ قَالَ: وَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي، أَوْ قَالَ: وَقَفْتُ عَلَى زَيْدٍ، ثُمَّ عَلَى عَقِبِهِ، وَلَمْ يَزِدْ، فَفِي صِحَّتِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَظْهَرُهَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ: الصِّحَّةُ. مِنْهُمُ الْقُضَاةُ: أَبُو حَامِدٍ، وَالطَّبَرِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ، وَهُوَ نَصُّهُ فِي «الْمُخْتَصَرِ» .
وَالثَّانِي: الْبُطْلَانُ، وَصَحَّحَهُ الْمَسْعُودِيُّ وَالْإِمَامُ.
وَالثَّالِثُ: إِنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَقَارًا، فَبَاطِلٌ. وَإِنْ كَانَ حَيَوَانًا صَحَّ، لِأَنَّ مَصِيرَهُ إِلَى الْهَلَاكِ، وَرُبَّمَا هَلَكَ قَبْلَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ. فَإِنْ صَحَّحْنَا، فَإِذَا انْقَرَضَ الْمَذْكُورُ، فَقَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: يَرْتَفِعُ الْوَقْفُ وَيَعُودُ مِلْكًا لِلْوَاقِفِ، أَوْ إِلَى وَرَثَتِهِ إِنْ كَانَ مَاتَ. وَأَظْهَرُهُمَا: يَبْقَى وَقْفًا، وَفِي مَصْرِفِهِ أَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا وَهُوَ نَصُّهُ فِي «الْمُخْتَصَرِ» : يُصْرَفُ إِلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إِلَى الْوَاقِفِ يَوْمَ انْقِرَاضِ الْمَذْكُورِ.
وَالثَّانِي: إِلَى الْمَسَاكِينِ.
وَالثَّالِثُ: إِلَى الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ مَصَارِفُ خُمُسِ الْخُمُسِ.
وَالرَّابِعُ: إِلَى مُسْتَحِقِّي الزَّكَاةِ. فَإِنْ قُلْنَا: إِلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إِلَى الْوَاقِفِ، فَيُعْتَبَرُ قُرْبُ الرَّحِمِ، أَمِ اسْتِحْقَاقُ الْإِرْثِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ، فَيُقَدَّمُ ابْنُ الْبِنْتِ عَلَى ابْنِ الْعَمِّ، لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ صِلَةُ الرَّحِمِ.
وَإِذَا اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ، فَالْقَوْلُ فِي الْأَقْرَبِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ لِلْأَقْرَبِ. وَهَلْ يَخْتَصُّ بِفُقَرَاءِ الْأَقَارِبِ، أَمْ يُشَارِكُهُمْ أَغْنِيَاؤُهُمْ. قَوْلَانِ: أَظْهَرُهُمَا: الِاخْتِصَاصُ. وَهَلْ هُوَ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ، أَمِ الِاسْتِحْبَابِ؟ وَجْهَانِ، وَإِنْ قُلْنَا: يُصْرَفُ إِلَى الْمَسَاكِينِ، فَفِي تَقْدِيمِ جِيرَانِ الْوَاقِفِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ، لِأَنَّا لَوْ قَدَّمْنَا بِالْجِوَارِ، لَقَدَّمْنَا بِالْقَرَابَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute