فَصْلٌ
الْمُبَارَزَةُ جَائِزَةٌ، وَلَوْ خَرَجَ كَافِرٌ وَطَلَبَهَا، اسْتُحِبَّ الْخُرُوجُ إِلَيْهِ، وَابْتِدَاءُ الْمُبَارَزَةِ لَا مُسْتَحَبٌّ وَلَا مَكْرُوهٌ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: تُكْرَهُ، وَأَطْلَقَ ابْنُ كَجٍّ اسْتِحْبَابَهَا، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَإِنَّمَا تَحْسُنُ الْمُبَارَزَةُ مِمَّنْ جَرَّبَ نَفْسَهُ وَعَرَفَ قُوَّتَهُ وَجُرْأَتَهُ، فَأَمَّا الضَّعِيفُ الَّذِي لَا يَثِقُ بِنَفْسِهِ، فَتُكْرَهُ لَهُ الْمُبَارَزَةُ ابْتِدَاءً وَإِجَابَةً، نُصَّ عَلَيْهِ، وَفِيهِ وَجْهٌ: أَنَّهُ يَحْرُمُ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُبَارِزَ إِلَّا بِإِذْنِ الْأَمِيرِ، فَلَوْ بَارَزَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، جَازَ عَلَى الصَّحِيحِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ؛ لِأَنَّ التَّغْرِيرَ بِالنَّفْسِ فِي الْجِهَادِ جَائِزٌ، وَالثَّانِي: يَحْرُمُ؛ لِأَنَّ لِلْإِمَامِ نَظَرًا فِي تَعْيِينِ الْأَبْطَالِ.
نَقْلُ رُءُوسِ الْكُفَّارِ إِلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ، فِيهِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا يُكْرَهُ لِلْإِرْعَابِ، وَالثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَالرُّويَانِيُّ: يُكْرَهُ، وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْجُمْهُورُ لِلْفَرْقِ بَيْنَ كَافِرٍ فِيهِ نِكَايَةٌ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ صَاحِبُ «الْحَاوِي» : لَا يُكْرَهُ، إِنْ كَانَ فِيهِ نِكَايَةٌ، بَلْ يُسْتَحَبُّ.
الطَّرَفُ الثَّانِي فِي سَبْيِ الْكُفَّارِ وَاسْتِرْقَاقِهِمْ، وَفِيهِ مَسَائِلُ
إِحْدَاهَا: نِسَاءُ الْكُفَّارِ وَصِبْيَانُهُمْ إِذَا وَقَعُوا فِي الْأَسْرِ، رُقُّوا، وَكَانَ حُكْمُهُمْ حُكْمَ سَائِرِ أَمْوَالِ الْغَنِيمَةِ، فَالْخُمُسُ لِأَهْلِ الْخُمُسِ، وَالْبَاقِي لِلْغَانِمِينَ، وَالْعَبِيدُ إِذَا وَقَعُوا فِي الْأَسْرِ، كَانُوا كَسَائِرِ أَمْوَالِ الْغَنِيمَةِ، لَا يَتَخَيَّرُ الْإِمَامُ فِيهِمْ؛ لِأَنَّ عَبْدَ الْحَرْبِيِّ مَالٌ لَهُ، وَاحْتَجَّ لَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ بِأَنَّ عَبْدَ الْحَرْبِيِّ لَوْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلَمْ يَخْرُجْ، وَلَا قَهَرَ سَيِّدَهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute