وَإِنَّمَا سَقَطَ الْقِصَاصُ لِلشُّبْهَةِ، وَقِيلَ: عَلَى الْعَاقِلَةِ، لِأَنَّهُ جَاهِلٌ بِالْحَالِ، فَأَشْبَهَ الْمُخْطِئَ، فَإِنْ قُلْنَا: عَلَى الْوَكِيلِ، فَهَلْ هِيَ حَالَّةٌ أَمْ مُؤَجَّلَةٌ؟ وَجْهَانِ، حَكَاهُمَا الْإِمَامُ.
قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: حَالَةٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ الدِّيَةُ هُنَا تَكُونُ لِوَرَثَةِ الْجَانِي لَا تَعَلُّقَ لِلْمُوكِّلِ بِهَا بِخِلَافِ مَا إِذَا ثَبَتَ الْقِصَاصَ لِابْنَيْنِ، وَبَادَرَ أَحَدُهُمَا، وَقَتَلَ الْجَانِيَ، يَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ لِلْآخَرِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقَاتِلَ هُنَاكَ أَتْلَفَ حَقَّ أَخِيهِ، فَتَعَلَّقَ الْأَخُ بِبَدَلِهِ، وَالْوَكِيلُ هُنَا قُتِلَ بَعْدَ سُقُوطِ حَقِّ الْمُوَكِّلِ، وَنَقَلَ ابْنُ كَجٍّ عَنْ بَعْضِهِمْ جَعْلَهُ عَلَى الْخِلَافِ، ثُمَّ إِذَا غَرِمَ الْوَكِيلُ، أَوْ عَاقِلَتُهُ الدِّيَةَ، فَهَلْ يَرْجِعُ الْغَارِمُ عَلَى الْعَافِي؟ فِيهِ أَوْجُهٌ.
أَصَحُّهَا: لَا، لِأَنَّ الْعَافِيَ مُحْسِنٌ بِالْعَفْوِ غَيْرُ مُغَرَّرٍ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ إِذَا قَدَّمَ الطَّعَامَ الْمَغْصُوبَ إِلَى الضَّيْفِ، وَالثَّانِي: نَعَمْ، وَالثَّالِثُ: يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ دُونَ الْعَاقِلَةِ، فَهَلْ لِوَلِيِّ الْجَانِي أَنْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ ابْتِدَاءً مِنَ الْعَافِي؟ وَجْهَانِ.
وَأَمَّا الْكَفَّارَةُ فَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْأَصَحِّ، كَمَا لَا تُضْرَبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَهَلْ لِلْمُوَكِّلِ الْعَافِي دِيَةَ قَتِيلِهِ؟ يُنْظَرُ، إِنْ عَفَا مَجَّانًا أَوْ مُطْلَقًا، وَقُلْنَا: الْمُطْلَقُ لَا يُوجِبُ الدِّيَةَ، فَلَا شَيْءَ لَهُ.
وَإِنْ عَفَا عَلَى مَالٍ، أَوْ مُطْلَقًا، وَقُلْنَا: يُوجِبُ الْمَالَ، فَلَهُ الدِّيَةُ فِي تَرِكَةِ الْجَانِي مُغَلَّظَةً إِنْ أَوْجَبْنَا بِقَتْلِ الْوَكِيلِ الدِّيَةَ، وَإِنْ لَمْ نُوجِبْهَا بِهِ، فَلَا دِيَةَ لِلْمُوَكِّلِ لِخُرُوجِ الْعَفْوِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ عَنِ الْفَائِدَةِ. وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
بَابٌ.
فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ.
إِذَا جَنَى عَبْدٌ عَلَى حَرٍّ جِنَايَةً، تَعَلَّقَ الْأَرْشُ بِرَقَبَتِهِ، فَاشْتَرَاهُ بِالْأَرْشِ، فَإِنْ جَهِلَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ عَدَدَ الْإِبِلِ الْوَاجِبَةِ أَوْ سِنَّهَا، لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute