وَلَوْ قَطَعَ يَدَ حُرٍّ، فَاقْتُصَّ مِنْهُ، ثُمَّ عَتَقَ الْعَبْدُ، وَمَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِالسِّرَايَةِ، فَفِي وَجْهٍ يَسْقُطُ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَعَلَى السَّيِّدِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ نِصْفِ دِيَةِ الْحُرِّ وَكَمَالِ قِيمَةِ الْعَبْدِ، لِأَنَّهُ صَارَ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ، وَفِي وَجْهٍ يَسْقُطُ مِنْ دِيَةِ الْحُرِّ بِقَدْرِ نِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَعَلَى السَّيِّدِ الْأَقَلُّ مِنْ بَاقِي الدِّيَةِ، وَكَمَالُ قِيمَةِ الْعَبْدِ.
التَّاسِعَةُ: سَبَقَ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ أَنَّ التَّوْكِيلَ فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ جَائِزٌ فِي حَضْرَةِ الْمُوَكَّلِ، وَكَذَا فِي غَيْبَتِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَحَدُّ الْقَذْفِ كَالْقِصَاصِ، وَسَوَاءٌ جَوَّزْنَاهُ أَمْ لَا، فَإِذَا اسْتَوْفَاهُ الْوَكِيلُ، صَارَ حَقُّ الْمُوَكِّلِ مُسْتَوْفًى، كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ سِلْعَةٍ تَوْكِيلًا فَاسِدًا، فَبَاعَ الْوَكِيلُ، صَحَّ الْبَيْعُ.
إِذَا عَرَفْتَ هَذَا، فَإِذَا وَكَّلَ وَغَابَ، أَوْ تَنَحَّى الْوَكِيلُ بِالْجَانِي لِيَقْتَصَّ مِنْهُ، فَعَفَا الْمُوَكِّلُ، نُظِرَ، إِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَكَانَ الْعَفْوُ قَبْلَ الْقَتْلِ أَمْ بَعْدَهُ، فَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَكِيلِ، وَإِنْ عَفَا بَعْدَ قَتْلِهِ، فَهُوَ لَغْوٌ، وَإِنْ عَفَا، ثُمَّ قُتِلَ الْوَكِيلُ، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالْعَفْوِ، فَعَلَى الْوَكِيلِ الْقِصَاصُ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِهِ، فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَالْمَنْصُوصِ وَبِهِ قَطَعَ الْأَصْحَابُ.
وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي «السِّلْسِلَةِ» قَوْلًا مُخْرِجًا: أَنَّهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، فَإِنِ ادَّعَى عَلَى الْوَكِيلِ الْعِلْمَ بِالْعَفْوِ، فَأَنْكَرَ، صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، فَإِنْ نَكَّلَ، حَلَفَ الْوَارِثُ وَاسْتَحَقَّ الْقِصَاصَ، وَفِي وُجُوبِ الدِّيَةِ إِذَا قَتَلَهُ جَاهِلًا قَوْلَانِ: أَظْهَرُهُمَا: تَجِبُ، لِأَنَّهُ بَانَ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَلَوْ عَزَلَهُ، فَقَتَلَهُ الْوَكِيلُ جَاهِلًا الْعَزْلَ، فَفِي وُجُوبِ الدِّيَةِ الْقَوْلَانِ.
فَإِنْ لَمْ نُوجِبِ الدِّيَةَ، وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِذَا أَوْجَبْنَا الدِّيَةَ، فَهِيَ مُغَلَّظَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَفِي قَوْلٍ: مُخَفَّفَةٌ، فَإِنْ قُلْنَا: مُخَفَّفَةٌ، فَهِيَ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَإِنْ قُلْنَا: مُغَلَّظَةٌ، فَهِيَ عَلَى الْوَكِيلِ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّهُ مُتَعَمَّدٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute