مَقَامَ قَبُولِهِ، وَالْمِلْكُ يَقَعُ لَهُ. فَحَيْثُ أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ الْفِطْرَةَ إِذَا قَبِلَهَا بِنَفْسِهِ، فَهِيَ مِنْ تَرِكَتِهِ إِذَا قَبِلَ وَارِثُهُ.
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ سِوَى الْعَبْدِ، فَفِي بَيْعِ جُزْءٍ مِنْهُ لِلْفِطْرَةِ مَا سَبَقَ. وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ وَقْتِ الْوُجُوبِ أَوْ مَعَهُ، فَالْفِطْرَةُ عَلَى الْوَرَثَةِ إِذَا قَبِلُوا، لِأَنَّ وَقْتَ الْوُجُوبِ كَانَ فِي مِلْكِهِمْ.
قُلْتُ: قَالَ الْجُرْجَانِيُّ فِي «الْمُعَايَاةِ» : لَيْسَ عَبْدٌ مُسْلِمٌ لَا يَجِبُ إِخْرَاجُ الْفِطْرَةِ، إِلَّا ثَلَاثَةً. أَحَدُهُمُ: الْمُكَاتَبُ، وَالثَّانِي: إِذَا مَلَّكَ عَبْدَهُ عَبْدًا، وَقُلْنَا: يَمْلِكُ، لَا فِطْرَةَ عَلَى الْمَوْلَى الْأَصْلِيِّ، لِزَوَالِ مِلْكِهِ، وَلَا عَلَى الْعَبْدِ الْمُمَلَّكِ، لِضَعْفِ مِلْكِهِ وَالثَّالِثُ: عَبْدٌ مُسْلِمٌ لِكَافِرٍ إِذَا قُلْنَا: تَجِبُ عَلَى الْمُؤَدِّي ابْتِدَاءً.
وَيَجِيءُ رَابِعٌ عَلَى [قَوْلِ] الْإِصْطَخْرِيِّ وَغَيْرِهِ، فِيمَا إِذَا مَاتَ قُبَيْلَ هِلَالِ شَوَّالٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، وَلَهُ عَبْدٌ، كَمَا سَبَقَ.
وَلَوْ أَخْرَجَ الْأَبُ مِنْ مَالِهِ فِطْرَةَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ الْغَنِيِّ، جَازَ كَالْأَجْنَبِيِّ إِذَا أَذِنَ، بِخِلَافِ الِابْنِ الْكَبِيرِ، وَلَوْ كَانَ نِصْفُهُ مُكَاتَبًا حَيْثُ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ، إِذَا جَوَّزْنَا كِتَابَةَ بَعْضِهِ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ، وَجَبَ نِصْفُ صَاعٍ عَلَى الْمَالِكِ لِنَصْفِهِ الْقِنِّ، وَلَا شَيْءَ فِي النِّصْفِ الْمُكَاتَبِ، وَمِثْلُهُ عَبْدٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ مُعْسِرٍ وَمُوسِرٍ، يَجِبُ عَلَى الْمُوسِرِ نِصْفُ صَاعٍ، وَلَا يَجِبُ غَيْرُهُ.
بَابٌ.
قِسْمُ الصَّدَقَاتِ.
اعْلَمْ أَنَّ الْإِمَامَ الرَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَخَّرَ هَذَا الْبَابَ إِلَى آخِرِ رُبْعِ الْمُعَامَلَاتِ فَعَطَفَهُ عَلَى قِسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ، وَهُنَاكَ ذَكَرَهُ الْمُزَنِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْأَكْثَرُونَ. وَذَكَرَهُ هَاهُنَا الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي (الْأُمِّ) وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَاتٌ، فَرَأَيْتُ هَذَا أَنْسَبَ وَأَحْسَنَ فَقَدَّمْتُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute