مُطْلَقًا.
وَعَنِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ: أَنَّ فِطْرَتَهُ تَجِبُ فِي تَرِكَةِ السَّيِّدِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، كَالْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ. هَذَا إِذَا مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ هِلَالِ شَوَّالٍ، فَلَوْ مَاتَ بَعْدَهُ، فَفِطْرَةُ الْعَبْدِ عَلَى السَّيِّدِ كَفِطْرَةِ نَفْسِهِ، وَتَقَدَّمَ عَلَى الْمِيرَاثِ وَالْوَصَايَا. وَفِي تَقْدِيمِهَا عَلَى الدَّيْنِ طُرُقٌ.
أَصَحُّهَا: أَنَّهُ عَلَى الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا فِي زَكَاةِ الْمَالِ، وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِتَقْدِيمِ فِطْرَةِ الْعَبْدِ لِتَعَلُّقِهَا بِهِ، كَأَرْشِ جِنَايَتِهِ. وَفِي فِطْرَةِ نَفْسِهِ، الْأَقْوَالُ.
وَالثَّالِثُ: الْقَطْعُ بِتَقْدِيمِ فِطْرَةِ نَفْسِهِ أَيْضًا لِقِلَّتِهَا فِي الْغَالِبِ، وَسَوَاءٌ أَثْبَتْنَا الْخِلَافَ، أَمْ لَا، فَالْمَنْصُوصُ فِي «الْمُخْتَصَرِ» : تَقْدِيمُ الْفِطْرَةِ عَلَى الدَّيْنِ، لِأَنَّهُ قَالَ: وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ مَا أَهَلَّ شَوَّالٌ وَلَهُ رَقِيقٌ، فَالْفِطْرَةُ عَنْهُ وَعَنْهُمْ فِي مَالِهِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الدُّيُونِ.
وَلَكَ أَنْ تَحْتَجَّ بِهَذَا النَّصِّ عَلَى خِلَافِ مَا قَدَّمْنَاهُ، وَعَنْ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ، لِأَنَّ سِيَاقَهُ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا إِذَا طَرَأَتِ الْفِطْرَةُ عَلَى الدَّيْنِ الْوَاجِبِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، لَمْ يَكُنِ الدَّيْنُ مَانِعًا.
وَبِتَقْدِيرِ أَنْ لَا يَكُونَ كَذَلِكَ، فَاللَّفْظُ مُطْلَقٌ يَشْمَلُ مَا إِذَا طَرَأَتِ الْفِطْرَةُ عَلَى الدَّيْنِ، وَالْعَكْسُ، فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ الدَّيْنُ مَانِعًا.
وَمِنْهَا: أَوْصَى لِإِنْسَانٍ بِعَبْدٍ، وَمَاتَ الْمُوصِي بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ، فَالْفِطْرَةُ فِي تَرِكَتِهِ. فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ وَقَبِلَ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ قَبْلَ الْهَلَاكِ، فَالْفِطْرَةُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الْوُجُوبِ، فَعَلَى مَنْ تَجِبُ الْفِطْرَةُ؟ يُبْنَى عَلَى أَنَّ الْمُوصَى لَهُ مَتَى يَمْلِكُ الْوَصِيَّةَ؟ إِنْ قُلْنَا: يَمْلِكُهَا بِمَوْتِ الْمُوصِي، فَقَبِلَ، فَعَلَيْهِ الْفِطْرَةُ، وَإِنْ رَدَّ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْوُجُوبُ، لِأَنَّهُ كَانَ مَالِكًا، وَالثَّانِي: لَا، لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ.
وَإِنْ قُلْنَا: يَمْلِكُهَا بِالْقَبُولِ، بُنِيَ عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ قَبْلَ الْقَبُولِ لِمَنْ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لِلْوَرَثَةِ. فَعَلَى هَذَا فِي الْفِطْرَةِ وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: عَلَيْهِمْ، وَالثَّانِي: لَا، وَالثَّانِي مِنَ الْأَوَّلَيْنِ، أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ. فَعَلَى هَذَا، لَا تَجِبُ فِطْرَتُهُ عَلَى أَحَدٍ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَحَكَى فِي التَّهْذِيبِ وَجْهًا: أَنَّهَا تَجِبُ فِي تَرِكَتِهِ.
وَإِنْ قُلْنَا بِالتَّوَقُّفِ، فَإِنْ قَبِلَ، فَعَلَيْهِ الْفِطْرَةُ، وَإِلَّا، فَعَلَى الْوَرَثَةِ. هَذَا كُلُّهُ إِذَا قَبِلَ الْمُوصَى لَهُ، فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْقَبُولِ، وَبَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ، فَقَبُولُ وَارِثِهِ قَائِمٌ