للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِاللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِالطَّلَاقِ، فَهَلْ يَحْنَثُ؟ قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا: لَا يَحْنَثُ. وَمِمَّنْ صَحَّحَهُ أَبُو حَامِدٍ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ وَابْنُ كَجٍّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ ابْنُ سَلَمَةَ: لَا حِنْثَ قَطْعًا. وَقِيلَ: النَّاسِي أَوْلَى بِالْحِنْثِ مِنَ الْمُكْرَهِ. وَقِيلَ: عَكْسُهُ. وَقِيلَ: الْجَاهِلُ أَوْلَى بِالْحِنْثِ مِنَ النَّاسِي. وَقَالَ الْقَفَّالُ: يَحْنَثُ فِي الطَّلَاقِ دُونَ الْيَمِينِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، فَالْمَذْهَبُ مَا سَبَقَ. فَإِذَا قُلْنَا: لَا حِنْثَ، لَمْ تَنْحَلَّ الْيَمِينُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَوْ حَلَفَ: لَا يَدْخُلُ الدَّارَ طَائِعًا وَلَا مُكْرَهًا وَلَا نَاسِيًا، حَنِثَ مَعَ الْإِكْرَاهِ وَالنِّسْيَانِ. وَلَوْ حَلَفَ: لَا يَدْخُلُ فَانْقَلَبَ فِي نَوْمِهِ وَحَصَلَ فِي الدَّارِ، لَمْ يَحْنَثْ، وَلَوْ حُمِلَ قَهْرًا وَأُدْخِلَ، فَقِيلَ: قَوْلَانِ كَالْمُكْرَهِ وَالْمَذْهَبُ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى دُخُولِهِ، وَلَمْ يَدْخُلْ، وَإِنَّمَا أُدْخِلَ، وَلِهَذَا لَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ بِلَا خِلَافٍ. وَلَوْ حُمِلَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، لَكِنْ قَدَرَ عَلَى الِامْتِنَاعِ، فَلَمْ يَمْتَنِعْ، لَمْ يَحْنَثْ عَلَى الصَّحِيحِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ بَلْ أُدْخِلَ. وَلَوْ حُمِلَ بِأَمْرِهِ. حَنِثَ كَمَا لَوْ رَكِبَ دَابَّةً وَدَخَلَ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ أَنْ يُعَلَّقَ عَلَى فِعْلِهِ أَوْ فِعْلِ غَيْرِهِ، فَإِذَا وُجِدَ بِالْإِكْرَاهِ أَوِ النِّسْيَانِ، فَفِيهِ الْخِلَافُ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَفِيهِ شَيْءٌ سَبَقَ فِي مَسْأَلَةِ الْحَلِفِ عَلَى مُفَارَقَةِ الْغَرِيمِ.

وَمِنْ صُوَرِ الْفِعْلِ جَاهِلًا أَنْ يَدْخُلَ دَارًا لَا يَعْرِفُ أَنَّهَا الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا، أَوْ حَلَفَ: لَا يُسَلِّمُ عَلَى زَيْدٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فِي ظُلْمَةٍ وَلَا يَعْلَمُ أَنَّهُ زَيْدٌ.

فَصْلٌ

حَلَفَ: لَا يُسَلِّمُ عَلَى زَيْدٍ، فَسَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ هُوَ فِيهِمْ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ فِيهِمْ، فَفِي الْحِنْثِ قَوْلَا حِنْثِ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ فِيهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>