كِتَابُ الْكِتَابَةِ
لَا يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ، وَحَكَى صَاحِبُ التَّقْرِيبِ قَوْلًا أَنَّهَا وَاجِبَةٌ إِذَا طَلَبَهَا الْعَبْدُ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: فَكَاتِبُوهُمْ، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ، وَبِهِ قَطَعَ الْجَمَاهِيرُ، كَمَا لَا يَجِبُ التَّدْبِيرُ وَشِرَاءُ الْقَرِيبِ، وَالْآيَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى النَّدْبِ، فَتُسْتَحَبُّ الْإِجَابَةُ إِذَا طَلَبَهَا الْعَبْدُ وَكَانَ أَمِينًا قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ، فَإِنْ فُقِدَ الشَّرْطَانِ، لَمْ يُسْتَحَبَّ، وَلَكِنْ لَا يُكْرَهُ ; لِأَنَّهَا قَدْ تُفْضِي إِلَى الْعِتْقِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: يُكْرَهُ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. وَإِنْ فُقِدَتِ الْأَمَانَةُ، وَقَدَرَ عَلَى الْكَسْبِ، لَمْ يُسْتَحَبَّ، عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ دُونَ الِاسْتِحْبَابِ مَعَ الشَّرْطَيْنِ، وَإِنْ كَانَ أَمِينًا بِلَا كَسْبٍ، لَمْ يُسْتَحَبَّ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَوْ طَلَبَ السَّيِّدُ الْكِتَابَةَ، فَامْتَنَعَ الْعَبْدُ، لَمْ يُجْبِرْهُ. وَفِي الْكِتَابَةِ بَابَانِ:
الْأَوَّلُ: فِي أَرْكَانِ الْكِتَابَةِ، وَهِيَ أَرْبَعَةٌ:
الْأَوَّلُ: الصِّيغَةُ، وَهِيَ أَنْ يَقُولَ لِعَبْدِهِ: كَاتَبْتُكَ عَلَى أَلْفٍ مَثَلًا تُؤَدِّيهِ إِلَيَّ فِي نَجْمَيْنِ مَثَلًا أَوْ أَكْثَرَ، فَإِذَا أَدَّيْتَ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَيَقُولُ الْعَبْدُ قَبِلْتُ. وَلَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِتَعْلِيقِ الْحُرِّيَّةِ بِالْأَدَاءِ، لَكِنْ نَوَاهُ بِقَوْلِهِ: كَاتَبْتُكَ عَلَى كَذَا، صَحَّتِ الْكِتَابَةُ أَيْضًا، فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالتَّعْلِيقِ، وَلَا نَوَاهُ، لَمْ يَصِحَّ، وَلَمْ يَحْصُلِ الْعِتْقُ. وَمِنْهُمْ مَنْ خَرَّجَ مِنَ التَّدْبِيرِ قَوْلًا أَنَّ لَفْظَ الْكِتَابَةِ صَرِيحٌ مُغَنٍّ عَنِ التَّصْرِيحِ بِالتَّعَلُّقِ وَنِيَّتِهِ، وَقَدْ سَبَقَ فِي التَّدْبِيرِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ قَالَ: إِنْ كَانَ الرَّجُلُ فَقِيهًا، صَحَّتْ كِتَابَتُهُ بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنَ التَّعْلِيقِ أَوْ نِيَّتِهِ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ أَنَّ التَّدْبِيرَ مَشْهُورٌ بَيْنَ الْخَوَاصِّ وَالْعَوَامِّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute