فَرْعٌ
السَّخْلَةُ الْمُرَبَّاةُ بِلَبَنِ الْكَلْبَةِ، لَهَا حُكْمُ الْجَلَّالَةِ. وَلَا يَحْرُمُ الزَّرْعُ وَإِنْ كَثُرَ الزِّبْلُ وَسَائِرُ النَّجَاسَاتِ فِي أَصْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ فِيهِ أَثَرُ النَّجَاسَةِ وَرِيحُهَا.
قُلْتُ: وَإِذَا عَجَنَ دَقِيقًا بِمَاءٍ نَجِسٍ وَخَبَزَهُ، فَهُوَ نَجِسٌ يَحْرُمُ أَكْلُهُ. وَيَجُوزُ أَنْ يُطْعِمَهُ لِشَاةٍ وَبَعِيرٍ وَنَحْوِهِمَا، وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَنَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي «السُّنَنِ الْكَبِيرِ» فِي بَابِ نَجَاسَةِ الْمَاءِ الدَّائِمِ عَنْ نَصِّهِ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِحَدِيثٍ صَحِيحٍ. وَفِي فَتَاوَى صَاحِبِ «الشَّامِلِ» : أَنَّهُ يُكْرَهُ إِطْعَامُ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ نَجَاسَةً. وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الطَّعَامِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَجِسِ الْعَيْنِ. قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: وَلَا يُكْرَهُ أَكْلُ الْبَيْضِ الْمَسْلُوقِ بِمَاءٍ نَجِسٍ، كَمَا لَا يُكْرَهُ الْوُضُوءُ بِمَاءٍ سُخِّنَ بِالنَّجَاسَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
الْحَيَوَانُ الْمَأْكُولُ، إِنْمَا يَحِلُّ إِذَا ذُبِحَ الذَّبْحَ الْمُعْتَبَرَ وَيُسْتَثْنَى السَّمَكُ، وَالْجَرَادُ، وَالْجَنِينُ الَّذِي يُوجَدُ مَيِّتًا فِي بَطْنِ الْمُذَكَّاةِ، فَإِنْهُ حَلَالٌ، سَوَاءً أَشَعَرَ أَمْ لَا. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِ «الْفِرَقِ» : إِنْمَا يَحِلُّ إِذَا سَكَنَ فِي الْبَطْنِ عَقِيبَ ذَبْحِ الْأُمِّ، فَأَمَّا لَوْ بَقِيَ زَمَنًا طَوِيلًا يَضْطَرِبُ وَيَتَحَرَّكُ، ثُمَّ سَكَنَ، فَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ حَرَامٌ. وَلَوْ خَرَجَ الْجَنِينُ فِي الْحَالِ وَبِهِ حَرَكَةُ الْمَذْبُوحِ حَلَّ. وَإِنْ خَرَجَ رَأْسُهُ وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَصَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» : لَا يَحِلُّ إِلَّا بِذَبْحِهِ؛ لِأَنَّهُ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْقَفَّالُ: يَحِلُّ؛ لِأَنَّ خُرُوجَ بَعْضِ الْوَلَدِ كَعَدَمِ خُرُوجِهِ فِي «الْعُدَّةِ» وَغَيْرِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute