للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ

يُكْرَهُ أَكْلُ لَحْمِ الْجَلَّالَةِ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ عَلَى الْأَصَحِّ الَّذِي ذَكَرَهُ أَكْثَرُهُمْ، مِنْهُمُ الْعِرَاقِيُّونَ، وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَالْقَفَّالُ: كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ. وَرَجَّحَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَالْبَغَوِيُّ. وَالْجَلَّالَةُ: هِيَ الَّتِي تَأْكُلُ الْعُذْرَةَ وَالنَّجَاسَاتِ، وَسَوَاءً كَانَتْ مِنَ الْإِبِلِ أَوِ الْبَقَرِ أَوِ الْغَنَمِ أَوِ الدَّجَاجِ. ثُمَّ قِيلَ: إِنْ كَانَ أَكْثَرُ عَلَفِهَا النَّجَاسَةَ، فَهِيَ جَلَّالَةٌ. وَإِنْ كَانَ الطَّاهِرُ أَكْثَرَ فَلَا. وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِالْكَثْرَةِ، بَلْ بِالرَّائِحَةِ وَالنَّتِنِ. فَإِنْ وُجِدَ فِي عَرَقِهَا وَغَيْرِهِ رِيحُ النَّجَاسَةِ، فَجَلَّالَةٌ، وَإِلَّا فَلَا. وَقِيلَ: الْخِلَافُ فِيمَا إِذَا وُجِدَتْ رَائِحَةُ النَّجَاسَةِ بِتَمَامِهَا، أَوْ قَرُبَتِ الرَّائِحَةُ مِنَ الرَّائِحَةِ. فَإِنْ قُلْتَ الرَّائِحَةُ الْمَوْجُودَةُ، لَمْ تَضُرَّ. وَلَوْ حُبِسَتْ بَعْدَ ظُهُورِ النَّتَنِ، وَعُلِفَتْ طَاهِرًا فَزَالَتِ الرَّائِحَةُ، ثُمَّ ذُبِحَتْ، فَلَا كَرَاهَةَ فِيهَا. وَلَوْ لَمْ تُعْلَفْ، لَمْ يَزُلِ الْمَنْعُ بِغَسْلِ اللَّحْمِ بَعْدَ الذَّبْحِ، وَلَا بِالطَّبْخِ وَإِنْ زَالَتِ الرَّائِحَةُ بِهِ، وَكَذَا لَوْ زَالَتْ بِمُرُورِ الزَّمَانِ عِنْدَ صَاحِبِ «التَّهْذِيبِ» . وَقِيلَ خِلَافُهُ.

وَكَمَا يُمْنَعُ لَحْمُهَا، يُمْنَعُ لَبَنُهَا وَبَيْضُهَا، وَيُكْرَهُ الرُّكُوبُ عَلَيْهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الرَّاكِبِ حَائِلٌ. ثُمَّ قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ وَغَيْرُهُ: إِذَا حَرَّمْنَا لَحْمَهَا فَهُوَ نَجِسٌ، وَيَطْهُرُ جِلْدُهَا بِالدِّبَاغِ، وَهَذَا يَقْتَضِي نَجَاسَةَ الْجِلْدِ أَيْضًا. وَهُوَ نَجِسٌ إِنْ ظَهَرَتِ الرَّائِحَةُ فِيهِ، وَكَذَا إِنْ لَمْ تَظْهَرْ عَلَى الْأَصَحِّ، كَاللَّحْمِ. ثُمَّ ظُهُورُ النَّتَنِ وَإِنْ حَرَّمْنَا بِهِ اللَّحْمَ وَنَجَّسْنَاهُ، فَلَا نَجْعَلُهُ مُوجِبًا لِنَجَاسَةِ الْحَيَوَانِ فِي حَيَاتِهِ، بَلْ إِذَا حَكَمْنَا بِالتَّحْرِيمِ، كَانَ كَمَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، لَا يَطْهُرُ جِلْدُهُ بِالذَّكَاةِ وَيَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>