للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

إِذَا ازْدَحَمَ اثْنَانِ عَلَى لَقِيطٍ، نُظِرَ، إِنِ ازْدَحَمَا قَبْلَ الْأَخْذِ، وَطَلَبَ كُلُّ وَاحِدٍ أَخْذَهُ وَحَضَانَتَهُ، جَعَلَهُ الْحَاكِمُ فِي يَدِ مَنْ رَآهُ مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا، إِذْ لَا حَقَّ لَهُمَا قَبْلَ الْأَخْذِ. وَإِنِ ازْدَحَمَا بَعْدَ الْأَخْذِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا أَهْلًا لِلِالْتِقَاطِ، سُلِّمَ اللَّقِيطُ إِلَى الْآخَرِ. وَإِنْ كَانَا أَهْلَيْنِ، قُدِّمَ أَسْبَقُهُمَا بِالِالْتِقَاطِ. وَهَلْ يَثْبُتُ السَّبْقُ بِالْوُقُوفِ عَلَى رَأْسِهِ بِغَيْرِ أَخْذٍ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا. وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، فَقَدْ يَخْتَصُّ أَحَدُهُمَا بِصِفَةِ تَقَدُّمِهِ، وَقَدْ يَسْتَوِيَانِ، وَالصِّفَاتُ الْمُقَدَّمَةُ أَرْبَعٌ. إِحْدَاهَا: الْغِنَى، فَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا غَنِيًّا وَالْآخَرُ فَقِيرًا، فَقِيلَ: يَسْتَوِيَانِ. وَالْأَصَحُّ تَقْدِيمُ الْغَنِيِّ. وَعَلَى هَذَا لَوْ تَفَاوَتَا فِي الْغِنَى، فَهَلْ يُقَدَّمُ أَكْثَرُهُمَا مَالًا؟ وَجْهَانِ.

قُلْتُ: الْأَصَحُّ لَا يُقَدَّمُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الثَّانِيَةُ: الْبَلَدُ، فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا بَلَدِيًّا وَالْآخَرُ قَرَوِيًّا، أَوْ بَدَوِيًّا، فَفِيهِ كَلَامٌ نَذْكُرُهُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَصْلِ الْأَحْكَامِ. الثَّالِثَةُ: مَنْ ظَهَرَتْ عَدَالَتُهُ بِالِاخْتِبَارِ، يُقَدَّمُ عَلَى الْمَسْتُورِ عَلَى الْأَصَحِّ.

الرَّابِعَةُ: الْحُرُّ أَوْلَى مِنَ الْمُكَاتَبِ، وَإِنِ الْتَقَطَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ. وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَبْدًا الْتَقَطَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، فَالِاعْتِبَارُ بِالسَّيِّدِ، وَالْآخَرِ، وَلَا تُقَدَّمُ الْمَرْأَةُ عَلَى الرَّجُلِ، بِخِلَافِ الْأُمِّ فِي الْحَضَانَةِ، لِأَنَّ شَفَقَتَهَا أَكْمَلُ، وَيَتَسَاوَى الْمُسْلِمُ، وَالذِّمِّيُّ فِي اللَّقِيطِ الْمَحْكُومِ بِكُفْرِهِ، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ الْمُسْلِمُ، وَقِيلَ: الذِّمِّيُّ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. وَإِذَا اسْتَوَيَا فِي الصِّفَاتِ وَتَشَاحَّا، أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ وَقَوْلِ الْجُمْهُورِ. وَقَالَ ابْنُ خَيْرَانَ: يُقَدِّمُ الْحَاكِمُ مَنْ رَآهُ مِنْهُمَا أَصْلَحَ لِلَّقِيطِ، فَإِنِ اسْتَوَيَا أَوْ تَحَيَّرَ، أَقْرَعَ. قَالَ الْأَصْحَابُ: وَلَا يُخَيَّرُ الصَّبِيُّ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ، بِخِلَافِ تَخْيِيرِهِ بَيْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>