ثُمَّ أُلْصِقَتْ فَالْتَحَمَتْ، أَوْ سَقَطَتْ شَعْرَةٌ ثُمَّ ثَبَتَتْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَنَمَتْ، فَأَضَافَ الطَّلَاقَ إِلَيْهَا، لَمْ تُطَلَّقِ الْمَرْأَةُ عَلَى الْأَصَحِّ.
قُلْتُ: قَوْلُهُ: فِي مَوْضِعٍ آخَرَ اتَّبَعَ فِيهِ الْغَزَالِيَّ وَلَيْسَ هُوَ شَرْطًا، فَلَوْ ثَبَتَتْ فِي مَوْضِعِهَا، كَانَ كَذَلِكَ، ثُمَّ إِنَّ مَسْأَلَةَ الشَّعْرَةِ قَلَّ أَنْ تُوجَدَ فِي غَيْرِ «الْوَسِيطِ» بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْأُذُنِ، فَإِنَّهَا مَشْهُورَةٌ بِالْوَجْهَيْنِ، لَكِنْ أَنْكَرَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ تَصَوُّرَهَا فِي الْعَادَةِ، وَلَا امْتِنَاعَ فِي ذَلِكَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنَا مِنْكِ طَالِقٌ، وَنَوَى إِيقَاعَ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا، طُلِّقَتْ. وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إِيقَاعَهُ عَلَيْهَا، فَالصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ: أَنَّهَا لَا تُطَلَّقُ، وَقِيلَ: تُطَلَّقُ، قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ. فَعَلَى هَذَا، لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ أَصِلِ الطَّلَاقِ لِأَنَّ اللَّفْظَ كِنَايَةٌ لِكَوْنِهِ أُضِيفَ إِلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ. وَأَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ، فَمَتَى نَوَى إِيقَاعَهُ عَلَيْهَا، كَانَ نَاوِيًا أَصْلَ الطَّلَاقِ.
وَلَوْ جَرَّدَ الْقَصْدَ إِلَى تَطْلِيقِ نَفْسِهِ وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى نِيَّةِ أَصِلِ الطَّلَاقِ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ قَطْعًا. وَقِيلَ: عَلَى الْوَجْهَيْنِ. وَلَوْ قَالَ: أَنَا مِنْكِ بَائِنٌ، فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ أَصِلِ الطَّلَاقِ. وَفِي نِيَّةِ الْإِضَافَةِ إِلَيْهَا، الْوَجْهَانِ. وَإِذَا نَوَاهَا، وَقَعَ، وَهَكَذَا حُكْمُ سَائِرِ الْكِنَايَاتِ، كَقَوْلِهِ: أَنَا مِنْكِ خَلِيٌّ أَوْ بَرِيٌّ.
وَلَوْ قَالَ: أَسْتَبْرِئُ رَحِمِي مِنْكِ، أَوْ أَنَا مُعْتَدٌّ مِنْكِ، أَوْ مُسْتَبْرِئٌ رَحِمِي وَنَوَى تَطْلِيقَهَا، لَمْ تُطَلَّقْ عَلَى الْأَصَحِّ.
فَرْعٌ
قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنَا مِنْكَ حُرٌّ، أَوْ أَعْتَقْتُ نَفْسِي مِنْكَ وَنَوَى إِعْتَاقَ الْعَبْدِ، لَمْ يُعْتَقْ عَلَى الْأَصَحِّ، بِخِلَافِ الزَّوْجِيَّةِ، فَإِنَّهَا تَشْمَلُ الْجَانِبَيْنِ، وَالرِّقَّ مُخْتَصٌّ بِالْعَبْدِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute