أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ تُؤَخَّرَ إِلَى الْإِفَاقَةِ، وَالثَّانِي: الْمَنْعُ، وَبِهِ قَطَعَ ابْنُ الصَّبَّاغِ ; لِأَنَّ الشُّبْهَةَ لَا تَزُولُ فِي ذَلِكَ الْحَالِ، وَلَوْ عَادَ إِلَى الْإِسْلَامِ فِي السُّكْرِ، صَحَّ إِسْلَامُهُ، وَارْتَفَعَ حُكْمُ الرِّدَّةِ، وَسَبَقَ ذِكْرُ طَرِيقِ أَنَّهُ يَصِحُّ تَصَرُّفُ السَّكْرَانِ فِيمَا عَلَيْهِ دُونَ مَالِهِ، فَعَلَى هَذَا لَا يَصِحُّ إِسْلَامُهُ وَإِنْ صَحَّتْ رِدَّتُهُ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ قَطْعًا، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، فَإِنْ صَحَّحْنَا إِسْلَامَهُ، فَقَتَلَهُ رَجُلٌ، لَزِمَهُ الْقِصَاصُ وَالضَّمَانُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَحُكِيَ قَوْلٌ فِي إِهْدَارِهِ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا تَصِحُّ رِدَّةُ السَّكْرَانِ، فَقُتِلَ تَعَلَّقَ بِقَتْلِهِ الْقِصَاصُ وَالضَّمَانُ، وَعَنِ ابْنِ الْقَطَّانِ: تَجِبُ الدِّيَةُ دُونَ الْقِصَاصِ لِلشُّبْهَةِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَلَوِ ارْتَدَّ صَاحِيًا، ثُمَّ سَكِرَ فَأَسْلَمَ، حَكَى ابْنُ كَجٍّ الْقَطْعَ بِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إِسْلَامًا، وَالْقِيَاسُ جَعْلُهُ عَلَى الْخِلَافِ.
فَصْلٌ
الْمُؤْمِنُ إِذَا أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ فَتَكَلَّمَ بِهَا، لَا يُحْكَمُ بِرِدَّتِهِ، فَلَا تَبِينُ زَوْجَتُهُ، وَلَوْ مَاتَ وَرِثَهُ وَرَثَتُهُ الْمُسْلِمُونَ، وَسَبَقَ فِي أَوَّلِ الْجِنَايَاتِ أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ التَّكَلُّمُ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ بِالْإِكْرَاهِ، وَأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ، وَأَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَثْبُتَ وَلَا يَتَكَلَّمَ بِهَا، وَهَلْ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الرِّدَّةِ مُطْلَقًا، أَمْ لَا تُقْبَلُ حَتَّى يُفْصَلَ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيمَا يُوجِبُهَا؟ فِيهِ قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا: الْأَوَّلُ، وَعَلَى هَذَا لَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ بِرِدَّتِهِ فَقَالَ: كَذَبَا، أَوْ مَا ارْتَدَدْتُ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَلَا يُغْنِيهِ التَّكْذِيبُ، بَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يَصِيرُ بِهِ الْكَافِرُ مُسْلِمًا، وَلَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ فِي بَيْنُونَةِ زَوْجَتِهِ، وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ شَرَطْنَا التَّفْصِيلَ، فَفَصَّلَا، وَكَذَّبَهُمَا، فَلَوْ قَالَ: كُنْتُ مُكْرَهًا فِيمَا فَعَلْتُهُ، نُظِرَ، إِنْ كَانَتْ قَرَائِنُ الْأَحْوَالِ تَشْهَدُ لَهُ، بِأَنْ كَانَ فِي أَسْرِ الْكُفَّارِ، أَوْ كَانَ مَحْفُوفًا بِجَمَاعَةٍ مِنْهُمْ وَهُوَ مُسْتَشْعِرٌ، صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، قَالَ صَاحِبُ «الْبَيَانِ» وَغَيْرُهُ: وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارِهِ بِالْبَيْعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute