مَنْ فَعَلَ فِعْلًا أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُ لَا يَصْدُرُ إِلَّا مِنْ كَافِرٍ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ مُصَرِّحًا بِالْإِسْلَامِ مَعَ فِعْلِهِ، كَالسُّجُودِ لِلصَّلِيبِ، أَوِ النَّارِ وَالْمَشْيِ إِلَى الْكَنَائِسِ مَعَ أَهْلِهَا بِزِيِّهِمْ مِنَ الزُّنَّانِيرِ وَغَيْرِهَا، وَكَذَا مَنْ أَنْكَرَ مَكَّةَ، أَوِ الْبَيْتَ، أَوِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، أَوْ صِفَةَ الْحَجِّ، وَأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ الْمَعْرُوفَةِ، أَوْ قَالَ: لَا أَدْرِي أَنَّ هَذِهِ الْمُسَمَّاةَ بِمَكَّةَ هِيَ مَكَّةُ أَمْ غَيْرُهَا، فَكُلُّ هَذَا أَوْ شَبَهُهُ لَا شَكَّ فِي تَكْفِيرِ قَائِلِهِ إِنْ كَانَ مِمَّنْ يُظَنُّ بِهِ عِلْمُ ذَلِكَ، وَمَنْ طَالَتْ صُحْبَتُهُ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ كَانَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِإِسْلَامٍ، أَوْ بِمُخَالَطَةِ الْمُسْلِمِينَ، عَرَّفْنَاهُ ذَلِكَ، وَلَا يُعْذَرُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ، وَكَذَا مَنْ غَيَّرَ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ، أَوْ قَالَ: لَيْسَ بِمُعْجِزٍ، أَوْ قَالَ: لَيْسَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ دَلَالَةٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ أَنْكَرَ الْجَنَّةَ أَوِ النَّارَ، أَوِ الْبَعْثَ أَوِ الْحِسَابَ، أَوِ اعْتَرَفَ بِذَلِكَ، وَلَكِنْ قَالَ: الْمُرَادُ بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ، وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ غَيْرُ مَعَانِيهَا، أَوْ قَالَ: الْأَئِمَّةُ أَفْضَلُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ.
الطَّرَفُ الثَّانِي فِيمَنْ تَصِحُّ رِدَّتُهُ وَشَرْطُهَا التَّكْلِيفُ.
فَلَا تَصِحُّ رِدَّةُ صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ، وَمَنِ ارْتَدَّ ثُمَّ جُنَّ لَا يُقْتَلُ فِي جُنُونِهِ، وَكَذَا مَنْ أَقَرَّ بِالزِّنَا ثُمَّ جُنَّ، لَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ ; لِأَنَّهُ قَدْ يَرْجِعُ عَنِ الْإِقْرَارِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِقِصَاصٍ، أَوْ حَدِّ قَذْفٍ ثُمَّ جُنَّ، فَإِنَّهُ يُسْتَوْفَى فِي جُنُونِهِ ; لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِرُجُوعِهِ، وَبِخِلَافِ مَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِزِنَاهُ، ثُمَّ جُنَّ، قَالَ الْبَغَوِيُّ: هَذَا كُلُّهُ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِيَاطِ، فَلَوْ قُتِلَ فِي حَالِ الْجُنُونُ، أَوْ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ، فَمَاتَ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ، وَتَصِحُّ رِدَّةُ السَّكْرَانِ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا سَبَقَ فِي طَلَاقِهِ، فَإِنْ صَحَّحْنَاهَا، فَارْتَدَّ فِي سُكْرِهِ، أَوْ أَقَرَّ بِالرِّدَّةِ، وَجَبَ الْقَتْلُ، لَكِنْ لَا يُقْتَلُ حَتَّى يَفِيقَ فَيُعْرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ، وَفِي صِحَّةِ اسْتِتَابَتِهِ فِي السُّكْرِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْبَغَوِيُّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute