وَفِي تَصَرُّفِ الرَّاهِنِ فِي الثَّمَنِ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ، فَيُنَفَّذُ فِي حِصَّةِ الْوَلَدِ دُونَ الْأُمِّ، ذَكَرَهُ الْإِمَامُ، وَالْغَزَالِيُّ فِي «الْبَسِيطِ» . وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
إِذَا رَهَنَ مَا يَتَسَارَعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ، فَإِنْ أَمْكَنَ تَجْفِيفُهُ كَالرُّطَبِ وَالْعِنَبِ، صَحَّ رَهْنُهُ وَجُفِّفَ. وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ كَالثَّمَرَةِ الَّتِي لَا تُجَفَّفُ، وَالرَّيْحَانِ، وَالْجَمَدِ، فَإِنْ رَهَنَهُ بِدَيْنٍ حَالٍّ، صَحَّ، ثُمَّ إِنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ، أَوْ قُضِيَ الدَّيْنُ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ، فَذَاكَ، وَإِلَّا بِيعَ وَجُعِلَ الثَّمَنُ رَهْنًا، فَلَوْ تَرَكَهُ الْمُرْتَهِنُ حَتَّى فَسَدَ، قَالَ فِي التَّهْذِيبِ: إِنْ كَانَ الرَّاهِنُ أَذَنَ لَهُ فِي بَيْعِهِ، ضِمْنَ، وَإِلَّا، فَلَا. وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: عَلَيْهِ الرَّفْعُ إِلَى الْقَاضِي لِيَبِيعَهُ.
قُلْتُ: هَذَا الِاحْتِمَالُ الَّذِي قَالَهُ الْإِمَامُ الرَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَوِيٌّ أَوْ مُتَعَيِّنٌ. وَقَدْ قَالَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ: إِنْ سَكَتَا حَتَّى فَسَدَ، أَوْ طَلَبَ الْمُرْتَهِنُ بَيْعَهُ، فَامْتَنَعَ الرَّاهِنُ، فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الرَّاهِنِ. وَإِنْ طَلَبَ الرَّاهِنُ بَيْعَهُ، فَامْتَنَعَ الْمُرْتَهِنُ، فَمِنْ ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِنْ رَهَنَهُ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ، فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ. أَحَدُهَا: أَنْ يَعْلَمَ حُلُولَ الْأَجَلِ قَبْلَ فَسَادِهِ، فَهُوَ كَرَهْنِهِ بِالْحَالِّ.
الثَّانِي: أَنْ يَعْلَمَ عَكْسَهُ. فَإِنْ شَرَطَ فِي الرَّهْنِ بَيْعَهُ عِنْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْفَسَادِ، وَجَعَلَ ثَمَنَهُ رَهْنًا، صَحَّ وَلَزِمَ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ. فَلَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُبَاعُ بِحَالٍ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ، بَطَلَ الرَّهْنُ لِمُنَاقَضَتِهِ مَقْصُودَ الرَّهْنِ. وَإِنْ لَمْ يَشْرُطْ ذَا وَلَا ذَاكَ، فَهَلْ هُوَ كَشَرْطِ الْبَيْعِ أَمْ كَشَرْطِ عَدَمِ الْبَيْعِ؟ قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ: الثَّانِي، وَمَيْلُ غَيْرِهِمْ إِلَى الْأَوَّلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute