كِتَابُ الْعَارِيَّةِ
هِيَ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْغَرِيبِ: وَقَدْ تُخَفَّفُ، وَفِيهِ بَابَانِ.
الْأَوَّلُ: فِي أَرْكَانِهَا، وَهِيَ أَرْبَعَةٌ.
الْأَوَّلُ: الْمُعِيرُ، وَيُعْتَبَرُ فِيهِ أَنْ يَمْلِكَ لِلْمَنْفَعَةِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ مَحْجُورًا عَلَيهِ فِي التَّبَرُّعَاتِ، فَيَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُعِيرَ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِخِدْمَةِ عَبْدٍ أَوْ سَكَنِ دَارٍ وَنَحْوِهِمَا أَنْ يُعِيرَهُمَا، وَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُعِيرَ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمَنْفَعَةَ لِنَفْسِهِ بِوَكِيلِهِ.
قُلْتُ: قَالَ صَاحِبُ الْعُدَّةِ: لَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يُعِيرَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ لِمَنْ يَخْدِمُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هِبَةٌ لِمَنَافِعِهِ، فَأَشْبَهَ إِعَارَةَ مَالِهِ. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ، يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى خِدْمَةٍ تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ، أَمَّا مَا كَانَ مُحَقَّرًا بِحَيْثُ لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ، فَالظَّاهِرُ الَّذِي تَقْتَضِيهِ أَفْعَالُ السَّلَفِ: أَنَّهُ لَا مَنْعَ مِنْهُ إِذَا لَمْ يَضُرَّ بِالصَّبِيِّ، وَقَدْ سَبَقَ فِي كِتَابِ «الْحَجْرِ» نَحْوُ هَذَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الرُّكْنُ الثَّانِي: الْمُسْتَعِيرُ، وَيُشْتَرَطُ فِيهِ كَوْنُهُ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ عَلَيهِ بِعَقْدٍ يَشْتَمِلُ عَلَى إِيجَابٍ وَقَبُولٍ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، فَلَا تَصِحُّ الْإِعَارَةُ لِلصَّبِيِّ، كَمَا لَا يُوهَبُ لَهُ.
الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الْمُسْتَعَارُ، وَلَهُ شَرْطَانِ:
أَحَدُهُمَا: كَوْنُهُ مُنْتَفِعًا بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ، كَالْعَبْدِ، وَالثَّوْبِ، وَالدَّابَّةِ، وَالدَّارِ، فَلَا يَجُوزُ إِعَارَةُ الطَّعَامِ قَطْعًا، وَلَا الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ عَلَى الْأَصَحِّ.
قَالَ الْإِمَامُ: وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي إِعَارَةِ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَنَحْوِهِمَا. ثُمَّ السَّابِقُ إِلَى الْفَهْمِ مِنْ كَلَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute