الْأَصْحَابِ، أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا إِذَا أَطْلَقَ إِعَارَةَ الدَّرَاهِمِ، فَأَمَّا إِذَا صَرَّحَ بِالْإِعَارَةِ لِلتَّزْيِينِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْطَعَ بِالصِّحَّةِ، وَبِهِ قَطَعَ الْمُتَوَلِّي؛ لِأَنَّهُ اتَّخَذَ هَذِهِ الْمَنْفَعَةَ مَقْصُودًا وَإِنْ ضَعُفَتْ، وَإِذَا لَمْ نُصَحِّحْهَا، فَجَرَتْ، فَهِيَ مَضْمُونَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ الصَّحِيحَةَ مَضْمُونَةٌ، وَلِلْفَاسِدِ حُكْمُ الصَّحِيحِ فِي الضَّمَانِ، وَقِيلَ: لَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ مَا جَرَى بَيْنَهُمَا لَيْسَ بِعَارِيَّةٍ صَحِيحَةٍ وَلَا فَاسِدَةٍ. وَمَنْ قَبَضَ مَالَ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ لَا لِمَنْفَعَتِهِ، كَانَ أَمَانَةً.
الشَّرْطُ الثَّانِي: كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ مُبَاحَةً، فَيَحْرُمُ اسْتِعَارَةُ الْجَارِيَةِ لِلِاسْتِمْتَاعِ. وَأَمَّا لِلْخِدْمَةِ، فَيَجُوزُ إِنْ أَعَارَهَا لِمُحْرِمٍ أَوِ امْرَأَةٍ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ، لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ، إِلَّا إِذَا كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تُشْتَهَى، أَوْ قَبِيحَةً، فَوَجْهَانِ.
قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: الْجَوَازُ، وَبِهِ قَطَعَ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ صَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» . وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَإِذَا أَعَارَهَا، صَحَّتِ الْإِعَارَةُ، وَإِنْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً. وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ بِالْفَسَادِ، كَالْإِجَارَةِ لِلْمَنْفَعَةِ الْمُحَرَّمَةِ، وَيُشْعِرُ بِهِ إِطْلَاقُ الْجُمْهُورِ نَفْيَ الْجَوَازِ.
فَرْعٌ
يُكْرَهُ اسْتِعَارَةُ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ لِلْخِدْمَةِ لِأَنَّ اسْتِخْدَامَهُمَا مَكْرُوهٌ، وَلَفْظُ الْإِمَامِ بِنَفْيِ الْحِلِّ.
قُلْتُ: الَّذِي قَالَهُ الْأَصْحَابُ، أَنَّهُ يُكْرَهُ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، قَالَ الْجُرْجَانِيُّ: وَيُكْرَهُ أَيْضًا اسْتِئْجَارُهُمَا. وَقَدْ يَجُوزُ إِعَارَةُ مَا لَا يَجُوزُ إِجَارَتُهُ، وَهُوَ الْفَحْلُ لِلضِّرَابِ، وَالْكَلْبُ لِلصَّيْدِ، فَإِنَّ إِعَارَتَهُمَا صَحِيحَةٌ، وَإِجَارَتَهُمَا بَاطِلَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute