للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْعٌ

قَبْضُ الْجُزْءِ الشَّائِعِ، إِنَّمَا يَحْصُلُ بِتَسْلِيمِ الْجَمِيعِ، وَيَكُونُ مَا عَدَا الْمَبِيعَ أَمَانَةً فِي يَدِهِ، وَلَوْ طَلَبَ الْقِسْمَةَ قَبْلَ الْقَبْضِ، قَالَ فِي «التَّتِمَّةِ» : يُجَابُ إِلَيْهَا، لِأَنَّا إِنْ قُلْنَا: الْقِسْمَةُ إِفْرَازٌ، فَظَاهِرٌ. وَإِنْ قُلْنَا: بَيْعٌ، فَالرَّضَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِيهِ، فَإِنَّ الشَّرِيكَ يُجْبَرُ عَلَيْهِ. وَإِذَا لَمْ يُعْتَبَرِ الرِّضَا، جَازَ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ الْقَبْضُ كَالشُّفْعَةِ.

فَصْلٌ

يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ تَسْلِيمُ الْعِوَضِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ الْآخَرُ. فَإِنْ قَالَ كُلٌّ: لَا أُسَلِّمُ حَتَّى أَقْبِضَ مَا أَسْتَحِقُّهُ، فَأَرْبَعَةُ أَقُوالٍ. أَحَدُهَا: يُلْزِمُ الْحَاكِمُ كُلَّ وَاحِدٍ بِإِحْضَارِ مَا عَلَيْهِ، فَإِذَا أَحْضَرَ، سَلَّمَ الثَّمَنَ إِلَى الْبَائِعِ، وَالْمَبِيعَ إِلَى الْمُشْتَرِي، يَبْدَأُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ، أَوْ يَأْمُرُهُمَا بِالْوَضْعِ عِنْدَ عَدْلٍ لِيَفْعَلَ الْعَدْلُ ذَلِكَ. وَالثَّانِي: لَا يُجْبِرُ وَاحِدًا مِنْهُمَا، بَلْ يَمْنَعُهُمَا مِنَ التَّخَاصُمِ. فَإِذَا سَلَّمَ أَحَدُهُمَا، أَجْبَرَ الْآخَرَ. وَالثَّالِثُ: يُجْبِرُ الْمُشْتَرِيَ. وَأَظْهَرُهُمَا: يُجْبِرُ الْبَائِعَ. وَقِيلَ: يُجْبِرُ الْبَائِعَ قَطْعًا، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ. هَذَا إِذَا كَانَ الثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ، فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا سَقَطَ الْقَوْلُ الثَّالِثُ.

قُلْتُ: الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ: أَنَّهُ يَسْقُطُ الرَّابِعُ أَيْضًا، كَمَا إِذَا بَاعَهُ عَرَضًا بِعَرَضٍ ; لِأَنَّ الثَّمَنَ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ عِنْدَنَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَإِنْ تَبَايَعَا عَرَضًا بِعَرَضٍ، سَقَطَ الْقَوْلُ الرَّابِعُ أَيْضًا، وَبَقِيَ الْأَوَّلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: يُجْبَرَانِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الشَّامِلِ. فَإِذَا قُلْنَا: يُجْبَرُ الْبَائِعُ أَوَّلًا، أَوْ قُلْنَا: لَا يُجْبَرُ، فَتَبَرَّعَ، وَسَلَّمَ أَوَّلًا، أُجْبِرَ الْمُشْتَرِيَ عَلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ فِي الْحَالِ إِنْ كَانَ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ، وَإِلَّا فَلِلْمُشْتَرِي حَالَانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>