الِاجْتِمَاعِ فِيهِ وَالْمُشَاتَمَةِ وَنَحْوِهَا، بَلْ يَقْعُدُونَ خَارِجَهُ، وَيَنْصِبُ مَنْ يُدْخِلُ خَصْمَيْنِ خَصْمَيْنِ، وَلَوِ اتَّفَقَتْ قَضِيَّةٌ أَوْ قَضَايَا وَقْتَ حُضُورِهِ فِي الْمَسْجِدِ لِصَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا، فَلَا بَأْسَ بِفَصْلِهَا، وَإِذَا جَلَسَ لِلْقَضَاءِ وَلَا زَحْمَةَ، كُرِهَ أَنْ يَتَّخِذَ حَاجِبًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ فِي أَوْقَاتِ خَلْوَتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ.
الْأَدَبُ الْخَامِسُ: يُكْرَهُ أَنْ يَقْضِيَ فِي كُلِّ حَالٍ يَتَغَيَّرُ فِيهِ خُلُقُهُ وَكَمَالُ عَقْلِهِ لِغَضَبٍ أَوْ جُوعٍ أَوْ شِبَعٍ مُفْرِطَيْنِ أَوْ مَرَضٍ مُؤْلِمٍ، وَخَوْفٍ مُزْعِجٍ، وَحُزْنٍ وَفَرَحٍ شَدِيدَيْنِ، وَغَلَبَةِ نُعَاسٍ أَوْ مَلَالٍ أَوْ مُدَافَعَةِ أَحَدِ الْأَخْبَثَيْنِ، أَوْ حُضُورِ طَعَامٍ يَتُوقُ إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ الْإِمَامُ وَالْبَغَوَيُّ وَغَيْرُهُمَا: الْكَرَاهَةُ فِيمَا إِذَا لَمْ يَكُنِ الْغَضَبُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَظَاهِرُ كَلَامِ آخَرِينَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ، وَلَوْ قَضَى فِي هَذِهِ الْحَالِ، نَفَذَ.
فَصْلٌ
إِذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ نَكَلَ، فَحَلِفَ الْمُدَّعِي، ثُمَّ يَسْأَلُ الْمُدَّعِي الْقَاضِيَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى أَنَّهُ أَقَرَّ عِنْدَهُ أَوْ نَكَلَ، وَحَلِفَ الْمُدَّعِي، لَزِمَهُ إِجَابَتُهُ. وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ، وَسَأَلَ الْقَاضِي الْإِشْهَادَ عَلَيْهِ، لَزِمَهُ أَيْضًا فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ حَلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنْ سَأَلَهُ الْإِشْهَادَ لِيَكُونَ حُجَّةً لَهُ، فَلَا يُطَالِبُهُ مَرَّةً أُخْرَى، لَزِمَهُ إِجَابَتُهُ، وَسَأَلَهُ أَحَدُ الْمُتَدَاعِيَيْنِ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ مَحْضَرًا بِمَا جَرَى لِيَحْتَجَّ بِهِ إِذَا احْتَاجَ، نُظِرَ إِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ قِرْطَاسٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَلَمْ يَأْتِ بِهِ الطَّالِبُ، لَمْ يَلْزَمْهُ إِجَابَتُهُ وَإِنْ كَانَ فَهَلْ يَجِبُ أَمْ يُسْتَحَبُّ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا: الِاسْتِحْبَابُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ بِالشُّهُودِ لَا بِالْكِتَابِ، وَإِنْ طَلَبَ أَنْ يَحْكُمَ لَهُ بِمَا ثَبَتَ، لَزِمَهُ الْحُكْمُ، فَيَقُولُ: حَكَمْتُ لَهُ بِهِ، أَوْ أَنْفَذْتُ الْحُكْمَ بِهِ، أَوْ أَلْزَمْتُ خَصْمَهُ الْحَقَّ، وَإِذَا حَكَمَ، فَطَلَبَ الْإِشْهَادَ عَلَى حُكْمِهِ، لَزِمَهُ الْإِشْهَادُ، وَإِنْ طَلَبَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ بِهِ سِجِّلًّا، فَعَلَى التَّفْصِيلِ وَالْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِي كِتَابَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute