فَصْلٌ
مَنْ أَرَادَ التَّضْحِيَةَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَشَرُ ذِي الْحِجَّةِ، كُرِهَ أَنْ يَحْلِقَ شَعْرَهُ أَوْ يُقَلِّمَ ظُفْرَهُ حَتَّى يُضَحِّيَ. وَفِيهِ وَجْهٌ: أَنَّهُ يَحْرُمُ، حَكَاهُ صَاحِبُ «الرَّقْمِ» ، وَهُوَ شَاذٌّ. وَالْحِكْمَةُ فِيهِ أَنْ يَبْقَى كَامِلَ الْأَجْزَاءِ لِتُعْتَقَ مِنَ النَّارِ، وَقِيلَ: لِلتَّشْبِيهِ بِالْمُحْرِمِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، فَإِنْهُ لَا يَتْرُكُ الطِّيبَ وَلِبْسَ الْمَخِيطِ وَغَيْرَهُمَا. وَحُكِيَ وَجْهٌ: أَنَّ الْحَلْقَ وَالْقَلْمَ، لَا يُكْرَهَانِ إِلَّا إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ وَاشْتَرَى ضَحِيَّةً، أَوْ عَيَّنَ شَاةً مِنْ مَوَاشِيهِ لِلتَّضْحِيَةِ. وَحُكِيَ قَوْلٌ: أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الْقَلْمُ.
قُلْتُ: قَالَ الشَّيْخُ إِبْرَاهِيمُ الْمَرْوَرُوذِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ: حُكْمُ سَائِرِ أَجْزَاءِ الْبَدَنِ كَالشَّعْرِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا أَحْكَامُ الْأُضْحِيَّةِ، فَثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ.
الْأَوَّلُ: فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِتَلَفِهَا وَإِتْلَافِهَا، وَفِيهِ مَسَائِلُ:
إِحْدَاهَا: الْأُضْحِيَّةُ الْمُعَيَّنَةُ، وَالْهَدْيُ الْمُعَيَّنُ، يَزُولُ مِلْكُ الْمُتَقَرِّبِ عَنْهُمَا بِالنَّذْرِ، فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِمَا بِبَيْعٍ وَلَا هِبَةٍ، وَلَا إِبْدَالَ بِمِثْلِهِمَا، وَلَا بِخَيْرٍ مِنْهُمَا. وَحُكِيَ وَجْهٌ: أَنَّهُ لَا يَزُولُ مِلْكُهُ حَتَّى يَذْبَحَ وَيَتَصَدَّقَ بِاللَّحْمِ، كَمَا
[لَوْ] قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَ هَذَا الْعَبْدَ، لَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ إِلَّا بِإِعْتَاقٍ. وَالصَّحِيحُ: الْأَوَّلُ. وَالْفَرْقُ: مَا سَبَقَ. وَلَوْ نَذَرَ إِعْتَاقَ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ، لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ وَإِبْدَالُهُ وَإِنْ لَمْ يَزُلِ الْمِلْكُ عَنْهُ. وَلَوْ خَالَفَ فَبَاعَ الْأُضْحِيَّةَ أَوِ الْهَدْيَ الْمُعَيَّنَ، اسْتَرَدَّ إِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ بَاقِيَةٌ، وَيَرُدُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute