نُظِرَ، إِنْ أَرَادَ وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً، لَزِمَ كُلَّ وَاحِدَةٍ الِاعْتِدَادُ بِأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ، وَثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ، وَتُحْسَبُ عِدَّةُ الْوَفَاةِ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ، وَتُحْسَبُ الْأَقْرَاءُ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ: مِنْ حِينِ الْمَوْتِ، هَذَا فِي الطَّلَاقِ الْبَائِنِ، فَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا، فَالرَّجْعَةُ تَنْتَقِلُ إِلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ عِدَّةُ الْوَفَاةِ. وَإِنْ أَبْهَمَ الطَّلَاقَ، بُنِيَ عَلَى أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ، هَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ مِنْ حِينِ اللَّفْظِ، أَمْ مِنْ وَقْتِ التَّعْيِينِ. إِنْ قُلْنَا: مِنَ اللَّفْظِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ أَرَادَ مُعَيَّنَةً، وَإِنْ قُلْنَا: مِنَ التَّعْيِينِ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: أَنَّ عَلَيْهِمَا الِاعْتِدَادَ بِأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ أَيْضًا، لَكِنَّ الْأَقْرَاءَ هُنَا تُحْسَبُ مِنْ يَوْمِ الْمَوْتِ. وَالثَّانِي: أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ تَعْتَدُّ بِعِدَّةِ الْوَفَاةِ، لِأَنَّهُ كَمَنْ لَمْ يُطَلِّقْ، وَلَوِ اخْتَلَفَ حَالُ الْمَرْأَتَيْنِ، فَكَانَتْ إِحْدَاهُمَا مَمْسُوسَةً أَوْ حَامِلًا أَوْ ذَاتَ أَقْرَاءٍ، وَالْأُخْرَى بِخِلَافِهَا، عَمِلَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِمُقْتَضَى الِاحْتِيَاطِ فِي حَقِّهَا كَمَا سَبَقَ.
فَصْلٌ
الْغَائِبُ عَنْ زَوْجَتِهِ، إِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ خَبَرُهُ، فَنِكَاحُهُ مُسْتَمِرٌّ، وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا الْحَاكِمُ مِنْ مَالِهِ إِنْ كَانَ فِي بَلَدِ الزَّوْجَةِ مَالٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَتَبَ إِلَى حَاكِمِ بَلَدِهِ لِيُطَالِبَهُ بِحَقِّهَا، وَإِنِ انْقَطَعَ خَبَرُهُ وَلَمْ يُوقَفْ عَلَى حَالِهِ حَتَّى يُتَوَهَّمَ مَوْتُهُ، فَقَوْلَانِ. الْجَدِيدُ الْأَظْهَرُ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَنْكِحَ غَيْرَهُ حَتَّى يَتَحَقَّقَ مَوْتُهُ أَوْ طَلَاقُهُ، ثُمَّ تَعْتَدُّ. وَالْقَدِيمُ: أَنَّهَا تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ، ثُمَّ تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ، ثُمَّ تَنْكِحُ، وَمِمَّا احْتَجُّوا بِهِ لِلْجَدِيدِ: أَنَّ أُمَّ وَلَدِهِ لَا تَعْتِقُ، وَلَا يُقَسَّمُ مَالُهُ، وَالْأَصْلُ الْحَيَاةُ وَالنِّكَاحُ، وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمُ الْقَدِيمَ.
وَسَوَاءٌ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ الْمَفْقُودُ فِي جَوْفِ الْبَلَدِ أَوْ فِي السَّفَرِ وَفِي الْقِتَالِ، وَمَنِ انْكَسَرَتْ سَفِينَتُهُ وَلَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ.
وَإِنْ أَمْكَنَ حُمِلَ انْقِطَاعُ الْخَبَرِ عَلَى شِدَّةِ الْبُعْدِ وَالْإِيغَالِ فِي الْأَسْفَارِ، فَقَدْ حَكَى الْإِمَامُ فِي إِجْرَاءِ الْقَوْلِ الْقَدِيمِ تَرَدُّدٌ، وَالْأَصَحُّ إِجْرَاؤُهُ.
وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ صُوَرٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute