للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَقَامَهُ، وَالثَّانِي: لَا، لِأَنَّهُ رُبَّمَا مَاتَ فِي الْمُدَّةِ فَيَكُونُ تَصَرُّفُهُ فِي نَصِيبِ غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ جُعِلَ لِكُلِّ بَطْنٍ مِنْهُمُ الْإِجَارَةُ، فَلَهُمُ الْإِجَارَةُ قَطْعًا، وَإِذَا أَجَّرَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْمِلْكِ، وَجَوَّزْنَاهُ فَزَادَتِ الْأُجْرَةُ فِي الْمُدَّةِ أَوْ ظَهَرَ طَالِبٌ بِالزِّيَادَةِ لَمْ يَتَأَثَّرِ الْعَقْدُ بِهِ، كَمَا لَوْ أَجَّرَ الطَّلْقَ، وَلَوْ أَجَّرَ الْمُتَوَلِّي بِحُكْمِ التَّوْلِيَةِ، ثُمَّ حَدَثَ ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّ الْعَقْدَ جَرَى بِالْغِبْطَةِ فِي وَقْتِهِ، فَأَشْبَهَ مَا إِذَا بَاعَ الْوَلِيُّ مَالَ الطِّفْلِ، ثُمَّ ارْتَفَعَتِ الْقِيمَةُ بِالْأَسْوَاقِ، أَوْ ظَهَرَ طَالِبٌ بِالزِّيَادَةِ. وَالثَّانِي: يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ، لِأَنَّهُ بَانَ وُقُوعُهُ، بِخِلَافِ الْغِبْطَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَالثَّالِثُ: إِنْ كَانَتِ الْإِجَارَةُ سَنَةً فَمَا دُونَهَا لَمْ يَتَأَثَّرِ الْعَقْدُ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ فَالزِّيَادَةُ مَرْدُودَةٌ، وَبِهِ قَطَعَ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ فِي الْأَمَالِي.

فَصْلٌ

إِذَا انْدَرَسَ شَرْطُ الْوَاقِفِ، وَلَمْ تُعْرَفْ مَقَادِيرُ الِاسْتِحْقَاقِ، أَوْ كَيْفِيَّةُ التَّرْتِيبِ بَيْنَ أَرْبَابِ الْوَقْفِ، قُسِّمَتِ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، وَحَكَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ الْوَجْهَ: التَّوَقُّفُ إِلَى اصْطِلَاحِهِمْ، وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَلَوِ اخْتَلَفَ أَرْبَابُ الْوَقْفِ فِي شَرْطِ الْوَقْفِ وَلَا بَيِّنَةَ، جُعِلَتِ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، فَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ حَيًّا رُجِعَ إِلَى قَوْلِهِ، كَذَا ذَكَرَهُ صَاحِبَا «الْمُهَذَّبِ» ، وَ «التَّهْذِيبِ» ، وَلَوْ قِيلَ: لَا رُجُوعَ إِلَى قَوْلِهِ، كَمَا لَا رُجُوعَ إِلَى قَوْلِ الْبَائِعِ إِذَا اخْتَلَفَ الْمُشْتَرِيَانِ مِنْهُ فِي كَيْفِيَّةِ الشِّرَاءِ، لَمَا كَانَ بَعِيدًا.

قُلْتُ: الصَّوَابُ: الرُّجُوعُ إِلَيْهِ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ، وَقَوْلُهُمْ: جُعِلَ بَيْنَهُمْ، هُوَ فِيمَا إِذَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ، أَوْ لَا يَدَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ. أَمَّا لَوْ كَانَ فِي يَدِ بَعْضِهِمْ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، قَالَ الْغَزَالِيُّ، وَغَيْرُهُ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ أَرْبَابُ الْوَقْفِ جَعَلْنَاهُ كَوَقْفٍ مُطْلَقٍ لَمْ يُذْكَرْ مَصْرِفُهُ فَيُصْرَفَ إِلَى تِلْكَ الْمَصَارِفِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

<<  <  ج: ص:  >  >>