بِالْكِتَابَةِ مَعَ النِّيَّةِ، وَالْوَصِيَّةُ تَقْبَلُ التَّعْلِيقَ بِالْإِغْرَارِ، فَأَوْلَى أَنْ تَنْعَقِدَ بِالْكِتَابَةِ. وَلَوْ كَتَبَ: إِنِّي أَوْصَيْتُ لِفُلَانٍ بِكَذَا، قَالَ الْمُتَوَلِّي: لَا يَنْعَقِدُ إِذَا كَانَ الشَّخْصُ نَاطِقًا، كَمَا لَوْ قِيلَ لَهُ: أَوْصَيْتُ لِفُلَانٍ بِكَذَا؟ فَأَشَارَ: أَنْ نَعَمْ. وَلَوْ وُجِدَ لَهُ كِتَابُ وَصِيَّةٍ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى مَضْمُونِهِ، أَوْ كَانَ قَدْ أَشْهَدَ جَمَاعَةً أَنَّ الْكِتَابَ خَطِّي، وَمَا فِيهِ وَصِيَّتِي، وَلَمْ يُطْلِعْهُمْ عَلَى مَا فِيهِ فَقَالَ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ: لَا تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ بِذَلِكَ، وَلَا يُعْمَلُ بِمَا فِيهِ حَتَّى يَشْهَدَ الشُّهُودُ بِهِ مُفَصَّلًا. وَنَقَلَ الْإِمَامُ، وَالْمُتَوَلِّي: أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيَّ مِنْ أَصْحَابِنَا قَالَ: يَكْفِي الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ مُبْهَمًا. وَرَوَى أَبُو الْحَسَنِ الْعَبَّادِيُّ أَنَّهُ قَالَ: يَكْفِي الْكِتَابُ مِنْ غَيْرِ إِشْهَادٍ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ» عِنْدَهُ أَشْعَرَ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْكِتَابَةِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ انْعِقَادَ الْوَصِيَّةِ بِالْكِتَابَةِ لَيْسَ بِبَعِيدٍ وَإِنِ اسْتَبْعَدُوهُ ; لِأَنَّ الْكِتَابَةَ كَكِنَايَاتِ الْأَلْفَاظِ. وَقَدْ سَبَقَ فِي الْبَيْعِ ذِكْرُ الْخِلَافِ فِي انْعِقَادِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ بِالْكِنَايَاتِ. وَذَكَرْنَا الْآنَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ أَشَدُّ قَبُولًا لِلْكِنَايَاتِ. فَإِذَا كَتَبَ، وَقَالَ: نَوَيْتُ الْوَصِيَّةَ لِفُلَانٍ، أَوِ اعْتَرَفَ وَرَثَتُهُ بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَجَبَ أَنْ يَصِحَّ.
فَرْعٌ
لَوِ اعْتُقِلَ لِسَانُهُ صَحَّتْ وَصِيَّتُهُ بِالْإِشَارَةِ وَالْكِتَابَةِ.
فَصْلٌ
وَأَمَّا الْقَبُولُ فَإِنْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ لَزِمَتْ بِالْمَوْتِ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute